كان من اللافت لنظري في حديث سمو ولي العهد الأخير اهتمامه بتحديث القوانين، وقد أشار صراحة إلى أن تحديث القوانين أمر ملازم لضمان تحقيق المستهدفات الاقتصادية للرؤية، وجلب رؤوس الأموال والاستثمار الأجنبي. ولعل من أهم المقترحات في هذا الاتجاه توحيد القضاء السعودي ليكون جهة واحدة ومنصة واحدة مع اعتماد الاختصاص النوعي كمعيار موحد.

المعروف أن القضاء ينقسم إلى قضاء عام وقضاء إداري، ناهيك عن اللجان شبه القضائية التي تعمل داخل الجهات التنفيذية وإن كانت مستقلة عنها، والواقع إن تعدد الجهات القضائية لا يخلو من سلبيات تتمثل في اختلاف طريقة العمل لكل جهة كما أن المنصات الإلكترونية (ناجز) و(معين) تختلف في آلية التعامل لرفع الدعاوى وكذلك شروط الاستخدام إضافة إلى أن لكل منها تكلفة تشغيل خاصة.

كما إن ضم ديوان المظالم للقضاء العام سيكون من شأنه إنهاء مسائل الولاية القضائية، وإنهاء مشكلة تنازع الاختصاص السلبي والإيجابي بين المحاكم، فيكون لدينا ولاية قضائية واحدة بمحاكم متنوعة لكل منها اختصاصها.

إضافة إلى كل ما سبق فإن توحيد الجهة القضائية يتضمن ترشيد الإنفاق وتوحيد الجهود واستثمار كامل للكفاءات،

على أن هذه الفكرة تحتاج لوضع خطة استراتيجية تبدأ بتطوير القضاء بمسارات تخصصية إضافة إلى تعديل المناهج القانونية في الجامعات والمعاهد لتواكب التطوير المطلوب.

ومن جهة أخرى فإن تطوير القضاء لا يحدث إلا في إطار تطوير فكري ومهني شامل أسوة بالتغيرات التي رأيناها مؤخرًا في عدد من الأجهزة الحكومية ضمن خطة التحول الوطني والتي شملت إلغاء أجهزة أو دمجها مع أجهزة أخرى وكان من نتائج ذلك تلافي تداخل الاختصاصات ومحاصرة البيروقراطية وتسهيل المحاسبة ووضع مؤشرات دقيقة لقياس الآداء.

وأخيرًا فإن الانفصال بين القضاء العام والقضاء الإداري وإن كان وضعًا كلاسيكيًا شائعًا يتبعه القانون الفرنسي منذ القدم، إلا أنه ليس الوضع الأكثر ملاءمة في ظل التطور القانوني العالمي الحالي، وبالنظر لحق أصيل هو تسريع الإجراءات والمحاكمات فيما يسمى Speedy Trial.