في ليلة مليئة بالفرح والسرور، الكل خرج مبتهجاً لقضاء إجازة نهاية الأسبوع، فهناك من ذهب لإحدى المقاهي لشرب القهوة مع أصدقائه وتجاذب أطراف الحديث في مواضيع متنوعة في جوٍ جميلٍ، بعيدا عن صخب الحياة وضغوط العمل، وآخر استقل مركبته مصطحباً عائلته لمجمعٍ تجاريٍ كبير للتسوق والاستمتاع ببعض الفعاليات المقامة داخل المجمع، فالشوارع مزدحمة بالناس، وكذلك الأسواق وأماكن الترفيه، حيث كانت السعادة تعلو وجوه الصغار قبل الكبار.

وفي ذلك اليوم زارنا ضيف مجهول لم نكن نعلم بخطورته، واعتقدنا أنه لن يطيل المكوث بيننا لكنه مع تقدم الأيام استشرى سريعاً دون أي تنبيه، وفي يوم الأحد الموافق 1441/07/13هــ أعلنت وزارة التعليم تعليق الدراسة في المدارس والجامعات، وبعدها أصدر الملك سلمان -حفظه الله- قراراً بمنع التجول بشكل جزئي في يوم الإثنين الموافق 1441/07/28هـ .

ومن هنا بدأت الحكاية، لم تكن عاديةً تمر مرور الكرام بل كانت مختلفةً في أحداثها وتفاصليها، أُغلقت المساجد وصروح التعليم والأندية الرياضية، فالحياة تعطلت بسبب فيروس كورونا الذي اجتاح العالم بأسره، فأوقف الاقتصاد وعطله وغيّر مجرى الحياة بشكل مفاجئ لم يكن أحد يتوقعه على الإطلاق. القصة وفصولها يرويها أبطالنا من الجيش الأبيض الذين انبروا لهذه المهمة الصعبة وشمّروا عن سواعدهم، واضعين أرواحهم على أكفهم لنعيش بأمن وأمان، ولم يتوانوا لحظةً واحدة في أن يواجهوا هذه الفيروس ومخاطره التي أودت بحياة الكثير، وكل ذلك من أجل صحة وسلامة الإنسان.

بذل أبطال الجيش الأبيض جهوداً عظيمة لن ننساها، فهم كانوا يصلون الليل بالنهار ولا يعرفون طعماً للنوم أو الراحة، وكانت راحتهم في مساعدة الناس وإنقاذهم والمحافظة على أرواح الكثير.

حملوا على عاتقهم مسؤولية المجتمع بأكمله بمختلف فئاته في سبيل حماية الناس وقمة سعادتهم عند خروج المرضى وتجاوزهم هذه الأزمة، فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، فتلك التضحيات كُتبت بماء الذهب امتدت لسنة وأكثر بدءا من أول يوم في مواجهة فيروس كورونا، مروراً بمراكز الفحص وانتهاءً بمراكز لقاح كورونا المنتشرة في كل منطقة من مناطق المملكة.

رسالة شكرٍ وامتنان وعرفان لمن سهر الليالي وضحى بروحه وجسده لينقذ روحا من خطر قاتل، ويُدخل السرور على أهل ذلك المصاب الذي خرج للحياة مجدداً، شكراً من القلب.. لمن ترك أهله وابتعد عنهم من أجل ألا ينتشر ذلك الفيروس فيسبب ضرراً كبيراً، لهم شكراً.. لمن صبر واحتسب الأجر في إنقاذ الناس بجد واجتهاد وإخلاص غير مستغرب وليس بجديد.

كلمة شكراً لا تفيكم حقكم ولا تعبر عن مدى تضحياتكم التي قدمتموها من أجل صحة الناس وسلامتهم فهو عهد اتخذتموه على أنفسكم منذ اللحظة الأولى في عملكم، فلا نملك لكم سوى الدعاء بالرحمة والمغفرة لمن مات وذهبت روحه إلى بارئها وهو في الميدان، وأن يحفظ الباقين وأن يجعل ما قدمتموه في موازين حسناتكم، وأن يكتب أجركم، وأسأل الله أن يزيل هذه الجائحة عاجلاً غير آجل، وأن يحفظنا من كل شر أن يرحم كل من مات خلال هذه الجائحة، وأن يجعله في جنات النعيم.

خاتمة: العظماء هم التاريخ، والآخرون يكتبونَهم.