إن التطهير العرقي والفصل العنصري الذي تقوم به إسرائيل في حي الشيخ جراح ومن قبله أحياء أخرى في القدس الشرقية وفي عموم فلسطين مثل الخليل ومحاولاتها السيطرة على المسجد الأقصى بالسماح لقطعان اليهود بالعربدة فيه وتدنيسه، قد أذكى شعلة الرفض والمقاومة بين جميع أبناء الشعب الفلسطيني، هذا الشعب المقاوم لاستلاب وسرقة حقوقه التاريخية المشروعة ينتفض هذه الأيام مرة أخرى وهو أعزل ليسطر ملحمة جديدة من النضال لنيل حقوقه التي تكالبت قوى الشر والعدوان الشرقية والغربيه لمؤازرة إسرائيل في طمس وإزالة الكيان الوجودي لشعب فلسطين الأعزل.

إن الهجمة التي نفذتها إلقيادة السياسية في إسرائيل على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح قد فشلت في تحقيق اهدافها بسبب انصهار المقدسيين خاصة وكافة أطياف الشعب الفلسطيني في بوتقة مقاومة الإجراءات الإسرائيلية المتكررة منذ 70 عاماً ولقد استخدم الفلسطينيون المقاومة السلمية أولاً ثم مقاومة الصواريخ من غزة عندما أطلقت المنظمات الفلسطينية وما زالت مئآت الصواريخ على المدن الإسرائيلية وأدخلت سكان إسرائيل إلى الملاجئ. لقد تحركت جامعة الدول العربية وعقدت اجتماعا استثنائيا طارئا وأصدرت الدول العربية في نهايته رفضاً قاطعاً وإدانة قوية لما قامت وتقوم به إسرائيل من إجراءات في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وسياساتها في هدم المساكن وتهجير السكان الفلسطينيين من بيوتهم واستبدالهم بالسكان اليهود وادعاء إسرائيل بأن القدس هي عاصمتها الموحدة، وتنظيم المَسِيرَات الاحتفالية لذلك الادعاء الكاذب الذي لا يؤيده الواقع ولا التاريخ ولا تؤيده القرارات والعهود والمواثيق الدولية.

إن صمود ومقاومة المقدسيين ومساندة حقوقهم من المجتمع الدولي قد فرض على إسرائيل إخراج جيشها وشرطتها من المسجد الأقصى وتأجيل تنفيذ قرار القضاء الإسرائيلي الفاسد بإخلاء حي الشيخ جراح من سكانه إضافة إلى تغيير خط سير مسيرة الاحتفال بتوحيد القدس وعدم مرورها بباب العامود والاكتفاء بمرورها من طريق باب الخليل ثم هروب منظميها والمشاركين فيها بعد انطلاق صواريخ غزة تجاه القدس، ولعل من الملفت للنظر قيام قناصلة الاتحاد الأوروبي في إسرائيل بزيارة حي الشيخ جراح وإعلان تضامنهم مع الفلسطينيين من سكان الحي ورفض تهجيرهم.

أما المواقف الإقليمية والدولية وهيئة الأمم المتحدةة فقد عبرت في مجملها كالعادة عن الشعور بالانزعاج والقلق ، بينما الموقف الأمريكي أفشل إصدار مجلس الأمن الدولي لقرار يرفض إجراءات التهويد الإسرائيلية واشترط بيانا مخففا لا يدين إسرائيل ويساوي بين الجلاد والضحية، بل إن الناطق باسم الخارجية الأمريكية عندما سأله الصحفيون هل من حق الفلسطينيين أن يدافعوا عن أنفسهم تلعثم وناور حتى لا يعترف بحق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم وركز على حق إسرائيل فقط في الدفاع عن نفسها، وأكد الموقف نفسه المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية صامويل والبرد الذي رفض القول بأن للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم ولا يستغرب أحد المواقف الأمريكية السلبية ضد الفلسطينيين منذ قيام إسرائيل قبل 70 عاما.

إن إسرائيل ترفض كل الوساطات التي قادتها مصر وقطر وهيئة الأمم المتحدة وغيرها، وهذا ضد رغبة المجتمع الدولي الذي يرى بأن إسرائيل باستخدامها للقوة المفرطة الغاشمة تخرج عن مضامين وشروط المعاهدات الدولية وتسحق شعباً له الحق في البقاء وأن يكون له مكان تحت الشمس.

السعودية كعادتها أدانت ما تقوم به إسرائيل في حق الفلسطينيين وتهجيرهم وتدنيس المسجد الأقصى وهي ضمن اللجنة المشكلة من جامعة الدول العربية لشرح الموقف العربي من التجاوزات الإسرائيلية ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وإلزام إسرائيل بإيقاف أعمالها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وإيقاف التعامل مع إسرائيل وكأنها فوق القوانين الدولية.

يقول المراقبون والمحللون إن الفلسطينيين مسحوقون ومحاصرون أصلاً وليس لديهم ما يخسرونه فهم مهملون سياسياً وتاريخياً واقتصادياً واجتماعياً من المجتمع الدولي بل ومن بعض العرب حتى تحولت قضيتهم إلى قضية هامشية ولاجئين بسبب أخطاء تاريخية ارتكبتها قياداتهم وبائعي قضيتهم من بني جلدتهم أدت الى تفرقهم وضياع قضيتهم ، أما إسرائيل فإن تصرفاتها العنصرية الإرهابية والتهويدية للمقدسات الإسلامية في القدس وتهجير السكان قد أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة وجعل العالم يتعاطف مع المدافعين عن المسجد الأقصى ويرفض إخراج سكان حي الشيخ جراح وقتل المدنيين الفلسطينيين في غزة وغيرها، كذلك فإن إسرائيل تخسر سياسياً وعسكرياً واقتصاديا ويزيد انقسام شعبها وقياداتها وتخبطها في أوضاعها الداخلية والخارجية، وفي نفس الوقت أشغلت إسرائيل العالم عن متابعة سياسات ملالي طهران وأعطت العنجهية والمكابرة الإسرائيلية إيران الفرصة للمضي قدماً في تهربها من الاستحقاقات المطلوبة منها دولياً وفي تحقيق مخططاتها التوسعيه وإنتاج السلاح النووي .. وهذا يؤكد ما ذكره المتابعون والمحللون بأن الشواهد وتطابق سياسات إسرائيل وإيران وكراهيتهما ونظرتهما الدونية للعرب، تعطي مصداقية للقول بأن إسرائيل وإيران وجهان لعملة واحدة.