هذا أنا.

أعتقد أن فيها ما يكفي من رائحة الأنانية والسلبية التي تفوح بالمقدار الذي يكفي لنبذها، لكن صديقي لم يقتنع بذلك، فكان دومًا يرددها وفي لكنةٍ وفن قد أجاده واستقطبه منه الآخرون..

رغم أنه لم يكن يرددها إلا من باب الدعابة واستفزاز البعض، أما أنا فلم يكن يروق لي ذلك ولا أحبذ قولها لا منه ولا من سواه لذا لم أكن على وفاق معه فيما يخص ذلك، وفي أي مسيرة يقودها العقل والمنطق غالبًا لا تجد من يؤيد أو يبارك مثل ذلك فلن يحصد صاحبها غالبًا إلا المنغصات والتضييق أو التكدير.

إن مثل ذلك قد يجنح بصاحبه عن مسار الإيجابية إلى متاهات الجميع في غنى عنها وقد تدخله في نفق فقد المكتسبات وهدم البناء ما لم يكن قد أدرك وأجاد صاحبها كصاحبنا.. ومحدثكم من واقع التجربة في هذه الحياة تتعارض كل توجهاته وخطواته مع ذلك التوجه، لذا فقد كانت وما زالت الإيجابية ترسم الخطوط العريضة فيها، ولقد وضع تساقط السنين من شجرة العمر بصمته المميزة في ذلك، بما يجعلني أتحاشى عمليات الاستفزاز أو أي أسلوب مشابه له قد ينتقص من قدر الآخرين أو يستفزهم خاصة الأحباب، فما زال لدينا مساحات مليئة بالمودة وتفيض بالصدق والإخلاص تغذيها أنفاسي بالطموح والحرص وروح المبادرة.

ما زال هناك أفق تتسع دائرته وتعم شموليته إلى أبعد وأرقى من التقوقع حول الذات أو الاستكفاء بما كان.

إن العطاء والتوسع في ذلك المضمار له إحساسٌ ورونق خاص لا يدركه أو يعرف قيمته إلا المتمرسين ومن لهم باع في ذلك فهم يدركون لذة ذلك وتميزه ونفعه وانعكاسه على حياتهم، رغم يقيني أن ذلك يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد والعطاء للوفاء بتلك الالتزامات وتغطية نطاق الشبكة التي يصلها بثنا.

هذا أنا.

أعتقد أن فيها ما يكفي من رائحة الأنانية والسلبية التي يمكن أن تضع حدًّا للعطاء أو على الأقل تكون عائقًا في دروبه، وحتى لا ندخل في ذلك أو في نفق فقد المكتسبات باحتمالات قد تزيد أو تقصر من الأفضل أن نكون في منأى عن ذلك، فليس أجمل من أن تكون ذا نفعٍ متعد تستشعر من خلاله مسؤوليتك تجاه الآخرين وتكسر فيه أي أغلال للأنانية وتنبذ كل دواعي الكسل والروتين لتتلمس احتياجات من حولك وتعمل على الوصول إلى القلوب بالعطاء والعمل المميز.

ومع الوقت حتمًا سنلاحظ أثر ذلك وانعكاساته، وحتمًا ستتسع دوائر الحب والإيثار وينمو حس المشاركة والمسؤولية بمن حولنا منا ومن مميزين أشد حرصًا منا.

وهذا أنا..

علينا ألا نمكنها أو نفتح لها بابًا مهما كان صغيرًا لتكسير مجاديفنا ونثر العقبات والإحباط في دروبنا، علينا ألا نجعلها أو نمكنهم عبرها من حجب سحائب الجود والعطاء عمن أظلتهم وفرجت عنهم ورسمت البسمة على شفاههم.

ولنتذكر دومًا ونحن نسعى أو نركض في تلك الدروب أن نحتسب، ونتمنى الخير ونسعى للأفضل والأجمل حتى وإن صادفنا في ذلك الطريق ما يعكر صفونا أو يكسر مجاديفنا خاصة من بعض الوجوه الشاحبة وتلك النفوس المتردية التي قد تمطرنا بوابل من الجحود والنكران أو تواجهنا بموجات من الإحباط والتشكيك، ومهما كان ما يعترضنا علينا أن نتذكر فقط سمو الغاية ونبل الهدف.

دمتم سحائب للعطاء لا يتوقف هطولها وعم بنفعكم الجميع.