يعلمنا حكماء الحياة كما تعلمنا فلسفة الدين العميقة الاستفادة من كل لحظة في حياتنا للتركيز فيها على ما يقدمنا إلى الأمام في سفرنا الكوني الأزلي في بحث كل إنسان عن معناه.

من أهم المهمات التي يمكن ركوب مطيتها زمن الأزمات وينبهنا إليها الدين في رمزية قرآنية عميقة قليل ما نتنبه إليها، كما تنبهنا إليها السنة الحكيمة كما أقوال الفلاسفة الكبار، المضي قدما ومصاحبة ذلك بما هو أهم من ذلك وهو عدم الالتفات.

جاء في آي القرآن الكريم قول الحق سبحانه «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍۢ مِّنَ ٱلَّيْلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَٰرَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ» لما تجلبه هذه القاعدة العظيمة من يقين بالنجاة وطاقة إيجابية للمضي قدما.

نفس الشيء جاء في سنة الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- حيث روى الحاكم في المستدرَك، عن جابر -رضي الله عنه- قال «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مشى لم يلتفت» المراد أنه كان يُواصِل المسيرَ وينبذ الالتفات فيه، لما يجلبه التوجه والقصد من نتائج في تحقيق الأهداف ولما يثبطه من عزائم الالتفات في السير وعدم التوجه والقصد في الأفعال.

نفس الأمر يؤكده الفلاسفة والحكماء حيث تواتر عن لقمان الحكيم نصيحته لابنه «واقصد في مشيك» كما يؤكد قول أحد الحكماء الفلاسفة هذا الأمر بقوله «امض إلى حيث شئت ولا تلتفت لأحد فالبشر إن لم يروا عيبا في الذهب قالوا إن بريقه يؤذي النظر» ذلك أن المضي قدما في جدية تامة وقصد في السير دون رجوع للخلف لا مفر منه لتحقيق الأهداف وللنجاة من الصعاب، لذلك يقول الروائي الأردني المعروف «الطريق إلى المدينة الفاضلة طويلة وشاقة.. العودة غير ممكنة.. والتوقف هنا سيصيبني بالجنون» لكن ذلكم السفر غير ممكن دون طاقة المحبة وحكمة الفلاسفة وفلسفة الدين، جاء في أحد أقوال الفيلسوف والمسرحي الفرنسي ألبير كامو «إن طريق الحياة وعرٌ وشاق دون مساعدة الدين والفن والحب».

وختاما تحضرني قولة عميقة لحكيم أهل الصلاح عمر المختار توحي وترمز لما نرمي إليه من نبذ الالتفات في طريق تحديد الأهداف وأهميته في النجاة زمن الكربات، حيث جاء في إحدى حكمه «التردد أكبر عقبة في طريق النجاح».