أمام واقع المشهد الدامى المؤسف للعدوان الصهيوني الغاشم في الأراضي المحتلة، فإن ما نراه الآن في القدس، وفي غزة، وفي حي الشيخ جراح، أمر مخيف بمأساويته، إذ يبدو أن منطق «البقاء للأقوى» هو الذي يحكم مجريات الصراع العربي - الصهيوني الراهن. ولعل ما يحدث من مآسي الآن على الساحة العربية بشكل عام، والساحة الفلسطينية بشكل خاص، يجسد تماما حقيقة واقع الحال العربي المزري الذي يتسم بالتجزئة والضياع والتفكك والإحباط والاضطراب الأمني، والاعتماد على الخارج حتى في رغيف الخبز والدواء. على أنه مع حقيقة ضعف الحال العربي المنهك في الوقت الحاضر، وما ترتب عليه من إحباط في الساحة العربية، فإنه لا بد من الإشارة بوضوح إلى أن العرب لا يزال لديهم من عناصر القوة الإستراتيجية ما يمكنهم من وضع حد للغطرسة الصهيونية، وتحجيم الدعم الغربي للكيان الصهيوني، وإيقاف التهويد، فالعرب لا يزالون يمتلكون في جعبتهم الكثير من عناصر القوة، بما لديهم من طاقات كامنة، يمكن توظيفها بفاعلية عالية في الصراع العربي - الصهيوني، وفي مقدمتها استخدام سلاح النفط، والمقاطعة الاقتصادية والسياسية لكل الدول التي تدعم توجهات الكيان الصهيوني، وتغض الطرف عن ممارساته الوحشية.

كما يمكن، في الوقت نفسه، استخدام البعد الجغرافي الإستراتيجي للوطن العربي في النقل البري، والشحن الجوي والبحري، بالإضافة إلى توظيف عمق جماهير الأمة، عربيا وإسلاميا، في هذا المجال، حيث سيكون الوصول إلى انتصار عربي مؤزر، يصحح هذا الوضع المأساوي الشاذ، عندئذ، أمرا ممكنا بلا ريب، وذلك تماشيا مع نهج تهيئة متطلبات الانتصار للحق على قاعدة «وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ»، ولا سيما أن لفلسطين والقدس مكانتهما الدينية المقدسة، باعتبارها مكان مسرى الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - في معراجه إلى السماء، وأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.

ولذلك، فإن الأمر يتطلب من العرب والمسلمين جميعا الوقوف الحازم في وجه هذا التغطرس المقرف، وزج الكامن من طاقتهم الذاتية، بما فيها المقاطعة والنفط، كسلاح فعال في المعركة، دون تهيب أو تردد، لمنع تمادي الكيان الصهيوني في عدوانه المتكرر على الشعب الفلسطيني دون وازع.