منذ نكبة 1948 ثم نكسة 1967 وما تبعها من أحداث، والنهج عند من تعاقب على شأن القضية بالذات من الإخوة الفلسطينيين وهي تراوح مكانها، وكما تناقله منذ 70 عاما معظم من ساهم على الأرض في حرب الـ 48 أو 67، وما أعقبهما أن هنالك خونة توارثوا المتاجرة بقضية فلسطين، وتحويلها إلى سوق نخاسة سياسي غير شريف، رغم تكاتف العرب والمسلمين ودعمهم للقضية بالدماء والأموال، والشواهد أكثر من أن تحصى.

ولست هنا في مجال سردها لأن ذلك يتطلب مقالات عدة، ولكن سأشير باختصار إلى مساعي دول عربية، كانت وما زالت مخلصة ووفية للقضية الفلسطينية، وإن لم تكن من دور الطوق، التي لم تكن ولم تعد طوقا لصالح القضية، ربما لأنهم كانوا الأقرب ومن اكتشف بالأدلة أن هنالك فصائل ظاهرها تحرير فلسطين وباطنها السم الزعاف، وخاصة بعض قادة ما يسمى بـ منظمة التحرير الفلسطينية.

ثم جاءت حماس وفصائلها لتكون أكثر من يبلور المتاجرة بالقضية، لمصالح دول لا علاقة لها بالعرب وقضاياهم المصيرية، فذهبت الجهود العربية في مهب الريح على حساب الشعب الفلسطيني الجريح.

قبل عقد ونصف تقريبا تفتق ذكاء منظمة التحرير وقبلت بالفتات، حيث رضيت السلطة وحماس بـ رام الله وغزة لتكون دولة فلسطين الحاضر والمستقبل، ونسيت أو تناست القدس والأقصى، اللهم إلا من خطابات الظواهر الصوتية منذ عهد عبدالناصر، الذي ذهبت مع عنترياته بقية فلسطين، والجولان وسيناء، ثم تتابعت الكوارث حتى يومنا هذا، ثم اقتسمت السلطة وحماس الضفة وغزة، لتكونا فيما بعد دولتين منفصلتين، ثم تفرغتا للحرب الفعلية والكلامية بينهما، وتركا إسرائيل خارج الاهتمام الفعلي، إلا من خطابات غوغائية، أو مناوشات تدمرت فيها كل ثلاث أو أربع سنوات لجمع الأموال بحجة تعميرها، وتذهب لجيوب القادة وإسعاد أسرهم في الخليج وأمريكا وأوروبا، وهكذا استحسنوا جرائمهم بحق شعبهم الأبي وتعاقبوا على تكرارها.

وبالأمس كان القادة في حماس وفصائلها، ممثلين في إسماعيل هنية و خالد مشعل و أسامة حمدان و قائد جماعة الجهاد، في الفنادق الفخمة في الدوحة و بيروت، وتركوا شعب غزة أعزل في العراء، والمنازل تحت القصف، وما يسمى برجال المقاومة في الخنادق، في أمن وأمان، ودمرت غزة مجددا في أحد عشر يوما، لتعود حماس وتحتفل بنصر لم يشعر به أو يسمع به إلا حماس وفصائلها.

ويدعي المتحدث باسم القسام أنه كان من المقرر في الساعة الثانية من مساء يوم الجمعة، القضاء على إسرائيل من الشمال إلى الجنوب، لولا مساعي وقف إطلاق النار.

ومما يتضح ومن المشهد الأخير، أن الحرب التي دمرت فيها غزة تدميرا كارثيا، الهدف ليس إسرائيل، الهدف هو الابتزاز المادي ثم السطو على السلطة في رام الله ولا أكثر، فعين إسرائيل على السلطة والعكس صحيح، وإسرائيل خارج اللعبة، ولا أدل على ذلك من امتعاض حماس وفصائلها من عدم إشادة خطيب الأقصى بهم في خطبة الجمعة بالأمس، والأيام القادمة حبلى بما يدمي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.