حذر علماء صينيون من جائحة أخرى قريبة ستضرب العالم، لأن تاريخ علم الوبائيات يخبرنا بأن الجائحة غالباً ما تلحقها أخرى حسب تسلسل الأوبئة، الموثّق منذ 700عام، ويجب الإسراع لرصدها لنتمكن من التصدي لها، والجائحة القادمة ستكون إنفلونزا الطيور.

قوة التحور

كما أشاروا إلى أن قدرة فيروسات الإنفلونزا على التحور أكبر بكثير من قدرة فيروس كورونا، وأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ظهور جائحة أسوأ بكثير من التي نقاسي منها حالياً، وأنها قد تظهر الشهر المقبل أو بعد 10 أعوام.


قنبلة موقوتة

وتكمن خطورة هذا الفيروس أيضاً في إصاباته القاتلة للطيور البرية، التي تشكل الخزان الطبيعي لفيروسات الإنفلونزا، التي منذ سنوات تقضي على ملايين الطيور في أوروبا وآسيا، وفق الباحثين.

كما نبّها إلى أن المزارع الضخمة للطيور الداجنة، توفر بيئة ملائمة جداً لتحور الفيروس، وأنه إذا دخلها يستحيل وقف سريانه، ويتحول إلى قنبلة موقوتة. فقد نصح هذان الخبيران بأن تستبدل بالمزارع الصناعية الضخمة بمزارع أصغر يسهل إخضاعها لتدابير صارمة للسلامة البيولوجية، والحد من خطر انتقال الفيروس إلى البشر. وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في فبراير الماضي، إن خطر انتشار سلالة «إتش5 إن8» «H5N8» من إنفلونزا الطيور بين البشر يبدو منخفضاً، بعد أن جرى اكتشافها لأول مرة على مستوى العالم لدى عاملين في مزرعة روسية.

عوامل الزيادة

يقول العلماء خلال انعقاد المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات، في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية «IPBES» أن تواتر الجوائح آخذ في الازدياد، مدفوعًا بزيادة حدوث الأحداث المرضية الناشئة، مع ظهور أكثر من 5 أمراض جديدة بين الناس كل عام، ولكل منها إمكانية النمو إلى أبعاد وبائية. معظم هذه الأمراض الناشئة وجميع الأوبئة تقريبًا، بما في ذلك الأنفلونزا وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز وCOVID-19، سببها الميكروبات في الحيوانات التي «تنتشر» بعد الاتصال المتكرر بين الحياة البرية والماشية والبشر. إلى جانب الاقتصادات المعولمة شديدة الترابط والنقل السريع، فإن هذا يجعل الأوبئة خطرًا يتزايد بسرعة.

وقال وايفنغ شي وجورج فو غاو، الباحثان في العلوم الوبائية، اللذان كانا أول من حدد مواصفات فيروس كورونا المستجد، إن فيروس إنفلونزا الطيور قد تأكد انتقاله إلى البشر فيما لا يقل عن 7 حالات، وفق دراسة نشرتها مجلة science، وظهر فيروس إنفلونزا الطيور في آسيا مطلع عام 2012، وسجلت إصاباته الأولى في أوروبا عام 2014. كما شدد الخبير الصيني جورج فو غاو، الذي يدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، على أن انتشار فيروس إنفلونزا الطيور هو خطر داهم على الصحة العامة، مشيراً إلى أنه قد يؤدي إلى أوبئة كارثية بين البشر. كذلك أفاد الباحثان الصينيان، بأن الفيروس الذي انتقل إلى حادثة عمال المزرعة الروسية، يحمل تحورات مثيرة للقلق تزيد من احتمالات انجذابه إلى الخلايا البشرية. وحذرا من مغبة تجاهل خطر السريان العالمي لهذا الفيروس، على الطيور الداجنة والبرية، كما على الصحة العامة.

تكلفة

لا يقتصر الأمر على ارتفاع مخاطر الأوبئة فحسب، بل إن فيروس كوفيد - 19 علمنا أن مجتمعاتنا شديدة الضعف. كانت التكلفة في الأرواح وسبل العيش والأضرار الاقتصادية الأوسع نطاقًا فلكية «تقدر التكاليف الاقتصادية بعدة تريليونات من الدولارات الأمريكية». لذلك من الواضح أن الإستراتيجيات التفاعلية الحالية التي تركز على الاحتواء السريع، والسيطرة بعد ظهور المرض غير كافية لمكافحة الأوبئة في المستقبل. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى معالجة دوافع انتشار المرض. والدليل على ذلك واضح أيضًا. تنجم زيادة ظهور الأمراض عن الاضطراب البيئي، لا سيما تغير استخدام الأراضي، والذي يرتبط غالبًا بالتوسع الزراعي والتكثيف، فضلاً عن تجارة الحياة البرية واستهلاكها. يشكل تغير المناخ وتغيير توزيع الأنواع خطرًا إضافيًا. كما يلخص التقرير «بدون إستراتيجيات وقائية، ستظهر الأوبئة في كثير من الأحيان، وتنتشر بسرعة أكبر، وتقتل المزيد من الناس، وتؤثر على الاقتصاد العالمي بتأثير أكثر تدميراً من أي وقت مضى».