لكن يظهر أن الواقع خدع الأب وغدر بالطفل، إذا تولى قطيع من الكلاب الضالة مهمة كل شيء إلا أن يبقى للطفل وذويه أمل في فسحة، أو لحظة من سعادة، وهجمت عليه دون أن يكون هنالك فرصة لمن يدفع عن تركي الخطر مهما حاول الأب، لولا فضل الله وتوافد ذوات الجلاليب السود من نساء اعتقدت الكلاب أنهن قوة خارقة جاءت لتردعهم عن إكمال مهمتهم، فقد تعودت على بشر وآليات ودوريات كما اتضح أنها لا تهش ولا تنش، فرت بعد أن تركت تركي يتألم من جراحه ويسبح في دمائه، حتى الهلال الأحمر جاء متأخرا وكل مرافق الخدمات جاءت كسيحة وكأنهم فزاعة وليسوا ذوي مهام ومسؤوليات، أنهت الكارثة بنقل تركي والذي فارق الحياة بعد أيام، رحمه الله وألهم آله وذويه الصبر والسلوان مع صادق التعازي.
من يسمع بالقصة الدامية، عن بعد، يعتقد أنها حدثت وسط صحراء ، بينما هي في الحقيقة وكما أشرت سابقا زمانا ومكانا في محافظة محاطة بسياج احترازي مكتمل المرافق والمؤسسات الحكومية ذات الطابع الأمني والخدماتي والإنساني، ومما حدث يبدو أن هنالك قصورا واضحا وفاضحا من عدة جهات؛ لعل أهمها وزارة الشؤون البلدية ممثلة في أماناتها وبلدياتها التي تناست واجباتها فكان الحدث المفجع، ثم المؤسسات الأمنية وهي ترى من خلال دورياتها التي تجوب الشوارع دون التنبيه بأخذ الحيطة، والتنبيه إلى مخاطر تلك الكلاب المتجولة ليل نهار تتحين الفرص بالمارة، ثم الهلال الأحمر الذي جاء متأخرا، والذي كان من المفروض أن يكون له فرع في الموقع، وكذلك مرافق عدة لا يتسع المجال لذكرها.
يا ترى ما أبعاد هذه الحادثة مستقبلا بعد أن وقعت الفأس بالرأس، ماذا سيتم ومن يحاسب المقصر ومن يحفظ حقوق الضحية وذويه عما لحق، وإن كانت الأرواح لا تعوض، ثم الأهم من يلخص النتائج ويحمي المجتمع مستقبلا من ألا تتكرر المآسي ويعقر الكلاب الضالة قبل أن تعقر أطفالا آخرين ؟!.