أنهت أمانة منطقة جازان عملية من 3 مراحل لتطوير القلعة الدوسرية في مدينة جازان، مبينة أنها تعاونت مع فرع وزارة السياحة في المنطقة، وطورت القلعة عبر مرحلة أولى تضمنت إزالة الأنقاض، وثانية شملت تمديد الكهرباء وتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة، وثالثة اقتصرت على إنشاء متحف داخل القلعة.

ويهدف المشروع إلى حفظ مكانة القلعة التاريخية، وربطها بالسوق الداخلي عبر مسار ينتهي بالسوق الداخلي لمدينة جيزان لتوفير منتجات سياحية على المسار السياحي، وتحويل المنطقة حول القلعة لتكون جاذبة للسواح والمهتمين بالتراث.

معلم أثري


تعد القلعة الدوسرية أحد أهم المعالم التاريخية والأثرية في منطقة جازان، وقد تعددت استخداماتها من استخدامات عسكرية وإستراتيجية إلى علمية، كما زاد موقعها المرتفع َوالمطل على البحر جاذبيتها السياحية.

وتقع القلعة وسط مدينة جازان، وعلى جبل الشريف وهو أعلى قمم المدينة ويطل على البحر والميناء، ومساحتها 900 متر، وتتكون من دورين وأربعة أبراج أسطوانية، وترتكز على قواعد زِيْدَ في ضخامتها حديثاً، وتتخلل أبراجها وجدرانها فتحات تستخدم للأغراض العسكرية، إلى جانب متاريس جنوبية وغربية لتشكل خطوطا أولية دفاعية لبنائها المرتفع عن سطح البحر بنحو 250 متراً.

ولم يتوقف دور القلعة في المهام الحربية والسياسية فقط، بل جعل منها العالم الجليل الشيخ القرعاوي في تلك الفترة من تاريخ المنطقة، مقرا ومكاناً للتعليم والدراسة ونشر العلم لطلاب المنطقة.

اختلاف التسمية

أكد المؤرخ والباحث التاريخي أحمد النعمان لـ«الوطن» أن «قلعة الدوسرية تقبع كصخرة رأسية على قمة جبل جنوب مدينة جازان الساحلية، يُعرَف بجبل الشريف، مطل على المدى البري والبحري، كما تطل على أخياف جبل الملح، مورد الملح البحري الطبيعي في المنطقة، واختلفت الروايات الشفهية التاريخية حول تسمية قلعة الدوسرية بهذا الاسم، أقول الروايات الشفهية، وليس المصادر الأولية التاريخية.

ولا يمكن الأخذ بهذه الروايات الشفهية لسببين:

أولها: عدم اعتمادها على أي مصدر تاريخي موثوق.

وثانيها: بُعد بعض تلك الروايات عن المنطقية.

فمثلًا، تقول إحدى الروايات: إنها منسوبة إلى أحد قادة جيش الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله – الذين دخلوا إلى جازان، وهو من قبيلة الدواسر، ومن المعروف تاريخيا أن القادة الذين دخلوا بالجيش السعودي لم يكونوا من هذه القبيلة المعروفة.

وأخرى تقول: إنَّ القلعة منسوبة إلى قبيلة الدواسر نفسها المذكورة سابقا والتي تقطن جنوب نجد، إذ تذكر الرواية أن الدواسر هي المكون الرئيس لجيش الملك عبدالعزيز الذي دخل منطقة جازان، وبعد الدخول قامت القبيلة ببناء القلعة، فنسبت إليها، هذه الرواية يمكن رفضها لأمرين، أن الجيش السعودي يتكون من عدة قبائل، وقد تكون قبيلة الدواسر أحد مكوناته، والآخر، أن القلعة كانت معروفة وقائمة قبيل ضم جازان تحت كيان الدولة السعودية الثالثة».

الترميم الأول

أشار النعمان إلى رواية ثالثة، هي الأكثر انتشارا، تقول إن «القلعة بنيت في عهد الملك عبدالعزيز، بعد ضم المنطقة مباشرة، وذلك عام 1351، وهذه رواية مدحوضة بالمصادر التاريخية التي أشارت إلى ذكرها قبل الضم، ولم تكن حقيقة هذا البناء إلا عملية ترميم للقلعة - وهو الترميم الأول لها لتقادم بنائها والحاجة الملحة إلى الاستفادة من مبنى تلك القلعة، ولعل أقرب معلومة يمكن الاطمئنان إليها ما ذكرته بعض المصادر عن دخول 150 شخصا مجندا من الدواسر؛ لكسر الثورة الإدريسية في مدينة جازان، وكان دخول هؤلاء الجند من جهة الجبال الغربية للمدينة والتي تقع عليها قلعة الدوسرية، فكان الدخول من ناحية القلعة وتم كسر الثورة. ومهما يكن من حال، فلا يمكننا القبض على حقيقة تاريخية يمكن الركون إليها حول تسمية قلعة الدوسرية بهذا الاسم».

ويضيف «قلعة الدوسرية عسكرية من طراز رفيع في عصرها، إستراتيجية إلى آخر نقطة من التخطيط العسكري، يصدق هذا إطلالة من جوف القلعة العالية إلى الأرجاء، فهي قادرة على رصد الأفق البري والبحري من جميع اتجاهاتها».

تقارب قلعة الدوسرية من حيث تصميمها، قلعة (دار النصر) العسكرية، في مدينة أبي عريش التي بنيت عام 1223، على يد الشريف حمود بن محمد الخيراتي المعروف بأبي مسمار، وهنا يمكن القول بأن الشريف حمود بن محمد هو من بنى قلعة الدوسرية، لعدة اعتبارات، أنَّ المصادر التاريخية المحلية أشارت إلى بناء الشريف حمود بن محمد إحدى قلاعه في مدينة جازان الساحلية، كذلك التشابه البنيوي النسبي لقلعتي (دار النصر)، وقلعة الدوسرية، إضافة إلى ذلك أنَّ الجبل الذي أسست عليه قلعة الدوسرية يعرف بجبل الشريف، وهذه اعتبارات لا يمكن إغفالها في ظل الشح الذي يكتنف المصدر التاريخي، والمعلومة الموثقة. ومما يذكر أنَّ بعض الآراء تذهب إلى أن الشريف حمود بن محمد بنى قلعة (اللاسلكي) لا قلعة الدوسرية، وهو رأي لا يعضده دليل، أو افتراض.

مكونات المباني

بين النعمان أن مكونات المباني للقلعة من دورين وأربعة أبراج أسطوانية الشكل، وترتكز هذه الأبراج على قواعد ضخمة نسبيا، وقد زِيْدَ في ضخامة تلك القواعد حديثًا، ويتخلل الأبراج وجدران القلعة عدد من الكوات؛ لأجل الاستخدامات العسكرية الدفاعية وفي جنوب القلعة وغربها بعض المتاريس، التي تُعَد خطوطا أولية دفاعية عن القلعة المرتفعة عن سطح البحر 250 مترًا.

على الرغم من هذه الأهمية العسكرية والإستراتيجية للقلعة، إلا أن الحامية التركية تركت الحبل على الغارب في المدن والقرى والبوادي المحيطة بالمدينة، فلم يتعدّ حكم الأتراك المدينة وقلاعها؛ لضعف الحامية التركية واتسام تلك المرحلة بالاضطراب وضعف السيطرة السياسية على جازان حتى ظهور الدعوة الإدريسية في صبيا.

في العهد الإدريسي لم يكن هناك ما يذكر عن قلعة الدوسرية، على الرغم من النشاط السياسي، إبان تأسيس الإمارة وفي ظل الصراع الذي احتدم بين الحسن بن علي الإدريسي وابن أخيه الإمام علي بن محمد الإدريسي، والثورة الإدريسية الفاشلة ضد مندوبي الملك عبدالعزيز بعد اتفاقية مكة بين الحسن الإدريسي والملك عبدالعزيز، ومن ثم ضم جازان للكيان السعودي الموحد، ويستنتج من ذلك على تهدم القلعة وضعف بنائها.

بناء القلعة

في العهد السعودي أصبحت قلعة الدوسرية غيرها في العهود السابقة له، ففي عام 1351 أمر الملك عبدالعزيز بإعادة ترميمها، وكانت العملية بإشراف مدير مالية جازان عبدالله القاضي، ويذكر بعض المعمرين أنَّ أُجرة البناء كانت تتراوح ما بين 5 إلى 10 قروش، انتهت عملية إعادة بناء القلعة في أوائل عام 1352، واستقرت في القلعة أول حامية عسكرية سعودية بها، بعد توحيد البلاد عام 1351، وتتكون الحامية من عدة ضباط وجنود بقيادة إبراهيم الطاسان ومنصور الشعيبي، كما اُسْتُقبل فيها الأمير فيصل بن عبدالعزيز (آنذاك)، وهو أول استقبال رسمي فيها، وكان هذا الاستقبال حينما كان على رأس حملة عسكرية إلى اليمن بعد الخلافات السياسية بين البلدين، وهي مع كونها مركزًا للحامية العسكرية، كانت أيضا مخفرًا لبعض فلول الإمارة الإدريسية الثائرة.

3 استخدامات للقلعة

عسكرية

إستراتيجية

مكان للتعليم

أعمال تطوير القلعة

إزالة الأنقاض

تمديد الكهرباء

تطوير المنطقة المحيطة

إنشاء المتحف داخل القلعة