وقع كبار العلماء في جمهوريتي باكستان وأفغانستان، في مكة المكرمة الإعلان التاريخي للسلام في أفغانستان، الذي يمهّد طريق الحل للأزمة الأفغانية، من خلال دعم المفاوضات بين الفئات المتقاتلة، وشهد الإعلان التاريخي، الاتفاق على إيجاد حلٍ نهائي وشامل للنزاع الأفغاني، على مدى 4 عقود من خلال دعم عملية المصالحة بين الأطراف المتصارعة في أفغانستان، والوصول بها إلى أرضية مشتركة من الوفاق، بتناول كل القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من القضايا ذات الصلة، من خلال روح العمل المشترك؛ ليتسنى وقف إراقة الدماء المستمرة في أفغانستان، وقيادة الشعب الأفغاني لطريق السلام والمصالحة والاستقرار والتقدم في هذا العالم، إضافة إلى التأكيد على عدم ربط العنف بأي دين أو جنسية أو حضارة أو عرق، واعتبار العنف الناتج عن التطرف والإرهاب بكل أشكاله وصوره بما فيه من عنفٍ ضد المدنيين وهجماتٍ انتحارية، مناقضاً لمبادئ العقيدة الإسلامية الأساسية.

ومثل الأطراف كل من: الشيخ الدكتور نور الحق قادري وزير الشؤون الإسلامية وتسامح الأديان في جمهورية باكستان الإسلامية والشيخ محمد قاسم حليمي وزير الحج والأوقاف والإرشاد في جمهورية أفغانستان الإسلامية، وشهد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى التوقيع .

وشدد علماء باكستان على أهمية المملكة في بناء التضامن والوفاق في الأمة الإسلامية، مؤكدين تطلعهم إلى دعمها المستمر للمحافظة على الزخم الذي ولّده هذا الإعلان في أوساط العلماء في العالم الإسلامي عموماً، وفي أوساط العلماء في باكستان وأفغانستان خصوصاً.

وفي الجلسة الافتتاحية، نوّه الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، إلى أن هذا اللقاء الأخوي التاريخي في رحاب المسجد الحرام بمكةَ المكرمة لإعلان السلام في أفغانستان جاء برعايةٍ ودعمٍ كريم من لدُن حُكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وذلك في سياق مؤتمرِ علماءِ أفغانستانَ وباكستانَ للسلام في أفغانستان تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي، مؤكداً أن هذا الجمع الكريم "بإرادته العُلمائية القوية والمؤثرة"، هو مِنَ الشواهدِ الماثلةِ على أنَّ الأمة الإسلامية ولاَّدَةُ خيرٍ لصالح أبنائها، بل وصالحِ الإنسانيةِ جمعاء.

وأضاف: "لا شك أن اجتماع الإِخْوَة على مائدةِ العزيمة على الخير والوُد والمحبة هو الأصل، وهو بحمد الله ما انعقدت عليه هِمَّةُ إخوتِنا في هذا اللقاء"، منوهاً إلى أن جُمهوريةُ باكستانَ الإسلامية وجمهوريةُ أفغانستانَ الإسلامية لهما في الوِجدان الإسلامي مساحة واسعة يعلمها الجميع، والثقةُ بهما كبيرة، في جوار خير ومحبة، فضلاً عن رابطة الدين.

المبادرات

من جهته شدد الدكتور محمد قاسم حليمي وزير الحج والأوقاف والإرشاد بجمهورية أفغانستان الإسلامية، على أن القرآن الكريم اعتبر المصالحة الحل الأمثل والنافع لحل كثير من النزاعات والخلافات، فحث عليها واعتبر التمسك بها من فضائل الأعمال.

وقال "تعددت المبادرات، وتعالت الأصوات مطالبة بالإسراع في تحقيق المصالحة بين أبناء الشعب الأفغاني المسلم والخروج به من المأزق الراهن، وتلك قوة معنوية وأخلاقية وضمير حي، انبعث من صراعات مريرة وقعت في المجتمع وهي تعبير عن انتصار قوة العقل السليم وإسكات لصوت الرصاص والانتحار والانفجار التي تحرق الأخضر واليابس".

وأضاف: "هنيئا لمن أجرى الله الخير على يديه، فجعله سببا للمّ شمل قد تفرق، وإنهاء فُرقة دامت لسنوات"، مؤكداً "كمسؤول حكومي" أن حواجز المصالحة جميعها زالت ولم يبق منها شيء.

المصالحة

وشدد على أن المصالحة بين أبناء الشعوب الإسلامية ضرورة دينية، وإنسانية، وحضارية، واقتصادية، واجتماعية، وسياسية، ونفسية، لا يستغني عنها أي مجتمع مسلم.

بدوره أكد الشيخ الدكتور نور الحق قادري وزير الشؤون الإسلامية وتسامح الأديان في جمهورية باكستان الإسلامية، أن إحلال السلام والطمأنينة وتعزيز التسامح في المجتمع من الأهداف الرئيسية للدين الحق. وقال: "ديننا يعلمنا الانسجام والوحدة ويدعم التعاون الدولي والمشاركة في جميع الأعمال الخيرية. الإسلام يتحدث عن حماية الوطن، يشجع على التطوير والازدهار، يأمر بتعزيز السلام وتجنب أعمال الشغب".

وشدد على أن المملكة العربية السعودية أدت دوماً دورها بشكل فعّال لإحلال السلام في أفغانستان، وكذلك سعت باكستان دائمًا لإحلال السلام والصلح، مضيفاً "لقد دعم البلدان كل خطوة تتخذ لإحلال الأمن والسلام في المنطقة بأسرها، وخاصة في أفغانستان وعلى مستوى العالم، وآمل أن يستمر البلدان الشقيقان في لعب دور ديناميكي وفعّال من أجل إحلال السلام".

من جهته أكد سفير جمهورية أفغانستان لدى المملكة أحمد جاويد مجددي، أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في كونه ينعقد في أقدس بقاع المعمورة، وبحضور نخبة من العلماء الأجلاء، مشدداً على أن المملكة لم تخذل أفغانستان يوماً؛ وما زالت تعمل وتساهم فِي سبيل تحقيق الأمن والسلام فيها.

وأشار إلى أن رابطة العالم الإسلامي تبذل كافة الجهود الممكنة في علاج وحل قضايا الأمة المسلمة ودفع عوامل النزاع والشقاق، مؤكداً أن المؤتمر يمثل رسالة إخاء ومحبة وسلام

فيما أكد الدكتور شفيق صميم السفير والمندوب الدائم لجمهورية أفعانستان في منظمة التعاون الإسلامي، أن جهود المملكة العربية السعودية وقادتها جهود داعمة ومساندة ومثمرة وموفقة في إيجاد حلول جوهرية للنزاعات في العالم الإسلامي.

وأوضح أن أفغانستان ذاقت مرارة الحروب منذ العقود الأربعة المنصرمة، ومرت عليها أحداث ومعارك تهلك الحرث والنسل، مشدداً على أن هذا المؤتمر محاولة جادة في البحث عن الطرق الكفيلة لحل المشكلة الأفغانية عن طريق الحوار البناء والوساطة الفعالة.