خرج رئيس حماس في غزة السنوار بعد انتهاء الحرب وفي أجواء الهدنة لكي يملأ الساحات ضجيجاً وأحاديث عن حماس، وما قدمته من تضحيات في الحرب الأخيرة، ولا شك فإن من حقه إيضاح ماذا تم، نعم هناك تضحيات جسيمة، وما نضح عن تلك الحرب هو بمثابة نصر للفلسطينين، وصفعة في وجه إسرائيل وقادتها، ولكن لهجة التعالي التي استخدمها لا ترقى إلى مستوى الإنجاز الجميل الذي تم، فقد تباهى بأن القتلى في صفوف المقاومة فقط 90 شهيدا من بين 10000 كعدد مستهدف من إسرائيل.

أولا، كل شهيد دمه غال، ولا يستهان به، وأيضا فإن العدد المستهدف الذي ذكر أعتقد أنه مبالغة لا ضرورة لها، وغير منطقية بالمرة كإستراتجية حرب، فلو، لا قدر الله، قتلت إسرائيل عشرة آلاف من المقاومة فرضا، فهذا يعني أن المدنيين سيستشهد منهم أيضا أعداد كبيرة، ناهيك عن المصابين الذين سيكونون أيضا تماهيا مع تلك النسبة أضعافا مضاعفة.

مع العلم أن السيد السنوار لم يذكر الشهداء المدنيين، فقد نسي السنوار 66 طفلاً، و39 امرأة، و17 مسناً، وكأنهم لا أهمية لهم، ومجرد خسارة جانبية لا تقدم ولا تؤخر، حتى لم يترحم عليهم؛ لأن نشوة العزة الشخصية أنسته المدنيين الشهداء الذين ذنبهم الوحيد أنهم فلسطينيون، ومع أن عدد الشهداء المدنيين مساوٍ لعدد شهداء المقاومة، بل ربما أكثر.


لقد تحدث السنوار ولم يترك سرا إلا أباحه، من حيث عدد الأنفاق والأسلحة الموجودة، والحقيقة بقي خريطة مواقع المقاومة، نسي أن يضعها علي الحائط، ويسمي السكان، رغم أن الكل يعرف أن هناك من الجواىسيس مع الأسف كثيرين، حتى إن حماس أعلنت أنها تستقصي، كيف عرف العدو هذه المعلومات -أما شر البلية ما يضحك- فهو إرسال وفد إلى الحوثيين من قبل حماس لتشكرهم على دعمهم، وسلمهم درع خشب «تقديرا لهم» على فعلهم «لا شيء» عدا لوحة مكتوب عليها «الموت لإسرائيل» وتمثيلية التبرع للمقاومة والشعب اليمني الأحق بالتبرع له.

إلى أي مدى وصلت استهانة حماس وعماها، هل جماعة مارقة استولت على الحكم بالقوة وتقتل المواطنين اليمنيين وتحاصرهم أصبحت عين ليلى، فماذا فعل الحوثيون إلا كلمات لإظهار أنهم أعداء إسرائيل، هم وسيدة أمرهم إيران، لم ينالوا من إسرائيل ولا شروى نقير من الإيذاء ضرب حنكً، أين طياراتهم المسيرة وصواريخهم من العدو.. هذه بضاعة لا تنطلي على كل واعٍ، ولكن ليس غريبا من حماس وقيادتها هذا التصرف فمن انشق عن حكومته، وهم رهن احتلال لا يستغرب منه هذه الأعمال.

الميليشيات المسلحة سواء في اليمن أو لبنان أو العراق أو فلسطين «كلهم وكلاء إيران» أجندتهم واحدة فرض السلطة والتفرد بالحكم، كيف يمكن المطالبة بإعمار غزة وهذه الأفعال تصدر من قادتها ونوابها المحسوبين عليها.

إن المواطن الفلسطيني عانى من هذا السياسات الرعناء، ولكن لكل فعل رد فعل، بالنسبة لي أراهن على عدم إتمام المصالحة، وإن تجاوزاً تم شكلا فسيسقط موضوعاً كما هي مقولة «لجنة الانضباط» قبل شكلا ورفض موضوعاً.

الله يعين القاهرة التي أصبح شغل مناديبها هو محاولة إصلاح ذات البين، وتنتهي الاجتماعات وكأنك يا بو زيد ما غزيت.. والدليل على ما ذكرت آنفاً ما صرح به السنوار، أن ما كان معروضا بشأن المصالحة قبل حرب غزة لم يعد ينفع يا زلمة، هم يبغون أكثر، المهم السلطة لأنها هي كل القضية.. والظاهر أن سقف الطلبات ارتفع، فمطلوب فوق السلطة التي كانت «حاف» أن تكون بالزيت كمان، عشان يدهنون السير حتى يتحرك المسار التفاوضي جريا على مثل «ادهن السير يسير»، وكيف يصطلحون وهم عرب وفلسطينيون والمشاورات بينهم في غرف منفصلة، ورئيس الاستخبارت المصرية أعانه الله تعب من «نقل الكلام» بينهم.

الأطفال يجتمعون ويختصمون ويتعاتبون ومن ثم يصطلحون، شيء يبكي من الضحك أو يضحك من البكاء، شيء يلخبط التفكير، أنا عند كلامي أراهن مرة أخرى حتي لو بـ«الزيت» مش حيوافقون، لأنهم بدهم الوليمة كلياتها يا عمي، وسيستمر الصراع الخبيث، كما هي المسلسلات التركية الخبيثة، ولكم الله أيها المواطنون الفلسطينيون.

والآن وقد شطبت مقالي تواً، أناظر الأخبار، وإذا هناك عاجل «تأجيل المحادثات الفلسطينية لخلافات بين فتح وحماس»، شيء لا يسر، ولكن لن يتغير.