يسابق الزمن نفسه، بخطى متسارعة، ونقلاته الإلكترونية الضخمة جدا. كما يشهد العالم تطورا واختلافا کبيرا مقارنة بما کان عليه في السابق، ويأتي هذا التطور نتيجة عدة ثورات في مجال وسائل الإعلام والاتصال، التي كانت على مراحل مختلفة، عبر فترات متلاحقة وبوقت ليس بالقصير.

ففي بدايات منتصف القرن العشرين، انطلق شكل آخر من الإعلام، وذلك عندما أنشئت القنوات الفضائية، لأهداف مختلفة، تنوعت ما بين المرئي والمسموع، ممثلة في التليفزيون والإذاعة، وكانت الصحف الورقية حينها الداعم الأول لذلك التحول، وتحظى بالاهتمام الكبير في الإعلام، لأنها لا تقوم بدور توصيل ونشر الخبر فحسب، بل وتؤثر على متلقيها تأثيرا مباشرا، لكونها الوسيلة الوحيدة المنشورة، والمرجع الأساسي لتلقي الأخبار.

أما اليوم، فقد انتشرت وسائل الإعلام والاتصال، واختلف الوعاء الذي يُملأ به الزاد الإعلامي، فكان لتنوع وسائل التواصل المختلفة دور كبير في التحول الإعلامي بحكم اتصالها اليومي والمباشر بكل شرائح المجتمع، حتى أصبحت شريكة أساسية في صناعة المحتوى، وإبداء الرأي وتلقيه، فنستطيع أن نقول أصبح «اللعب على المكشوف».

ما بين هنا وهناك، لا يزال عدد من الإعلاميين الرياضيين يعيشون مرحلة قديمة جدا في طرح الآراء، ورفض الرأي الآخر، وتحجيم الأفكار، وقلب الحقائق، وفق نظرة وزاوية محدودة الفكر، متأثرة بممارسة المناهج والوسائل الإعلامية القديمة، التي لا تتوافق مع المرحلة الحالية ولا مع الأحداث المتتالية، حيث اختلفت الأدوات وانتشرت صناعة الحدث، وأصبحت القضية أكبر وأعمق من نشر خبر أو سبق صحفي، ينفرد به أحدهم ويزيفه، ويوظفه في سياقات غير واقعية، تعاكس الحقائق بكل تفاصيلها.

مع هذا التحول العظيم والتغير الواقعي، ومع «رؤية 2030» التي نعيش مراحلها كل يوم، يجب على كثير من الإعلاميين الرياضيين مواكبة هذه الموجة، وتقديم ما يتوافق مع الوسط الرياضي، وبما يليق بالجماهير الواعية والمدركة ما يدور حولها، حيث انتهى زمن التبعيات المتلونة والمراشقات عبر أعمدة المقالات وزوايا الصحف، واحتكار المنشورات بناء على وتيرة العلاقات الشخصية ومصالحها والمحسوبيات.

نحن بحاجة إلى محتوى إعلامي رياضي جديد، عميق ومؤثر، يتوافق مع هذا التطور الرقمي الرهيب، ويدعم الرياضة السعودية مع استيعاب تحولها وتنوعها. نحتاج لإعلام يختلف اختلافا كليا عما يقدم حاليا من الركام الفردي، والنزعة الاستهلاكية غير الموجِهة وغير المهنية، ويسعى لتغيير نمط «الصراخ الفضائي» الذي لا يكاد يهدأ.