القراءة من شأنها تعزيز ديناميكية العقل، وسبب رئيس لضخ الوعي من خلال شريان المعرفة، وتندرج تحتها طمأنينة الذات، والتفرد بالصفات، وتتجلى في القارئ الحكمة والنبل وكل ما يملكه الكُتّاب من خبرات.

سيكون فيلسوفا إن قرأ للفلاسفة، وشاعراً إن قرأ في الشعر، وأديبا إن قرأ للأدباء، ويصبح كل ما خُطّ بين تلك الدفات.

لتكن القراءة واقعاً نعيشه صغارا وكبارا، نخطف المعرفة من بين السطور، وننغمس بمشاعرنا في المكتبات، وتأسرنا عقول حُطّت على الأرفف، فكل كتاب نقرأه عالَماً قائما بذاته.

«الببليوثيرابي» مصطلح ينصّ على العلاج بالقراءة، في تخطي الأزمات، والتداوي من الصدمات.

مراكز التأهيل والإصلاح، تجدُ فيها القراءة إحدى وسائل تقويم السلوك وتهذيب الأخلاق.

يقول - جورج مارتين «يعيش القارئ ألف حياة قبل أن يموت، أما ذلك الذي لا يقرأ أبداً فيعيش حياة واحدة». فالقراءة أبدية أزلية؛ كل نص يتجلى بين يديك يصبح قابعاً في ذاكرتك (ديناميكية حية)

يقول - بورخيس «أعتقد أن عبارة قراءة إلزامية متناقضة في المعنى، فالقراءة لا ينبغي أن تكون إلزامية، فهل نتكلم عن اللذة الإلزامية؟ أو السعادة الإلزامية؟ كنت أستاذا للأدب الإنجليزي مدة عشرين عاما، أنصح طلابي، إذا أقلقكم كتاب أتركوه، لا تقرؤوه، هذا الكتاب لم يُكتب لكم، فالقراءة يجب أن تكون شكلاً من أشكال السعادة». علينا أن ننمي شغفنا بالقراءة ونورثهُ صغارنا، بحيث نوفر لكل طفل رفّاً يخصّ كتبه، ونبارك له إنجازه عند قراءة أي كتاب ولو كانت صفحة واحدة منه.

يجب أن نورّثُهم الشغف بالمكتبات، وبأن كل مكتبة داخلها حياة تُضاهي حياتنا، ويعتادون رائحة الكتب المعتقة.

ليس هناك هدف أسمى من أن تُغوي الآخرين بالقراءة فبها يستقرّ الرّأي، ويعلو الشأن، وتحتدم الحكمة.

لننتهج القراءة، بدون أسس أو قواعد، اقرأ كيفما تشاء، تحاور مع السطور، وكأنّها لم تُكتب إلا لك، وتناول الفصول بعينيك.

ذكر الكاتب الفرنسي دانيال بناك في كتابه (متعة القراءة): «إن زمن القراءة كزمن العشق، يزيد من لذة العيش، وإنه وإن كان علينا أن نتعامل مع الحُب من وجهة نظر برنامج عملنا اليومي، فمن كان سيخاطر ويعشق؟ من يملك الوقت ليكون عاشقاً؟.

ومع ذلك هل رأينا يوماً محباً لا يجد الوقت ليعشق؟»

هذا الكاتب يصوّر القراءة كالحب أسلوب حياة.

- أمبرتو إيكو: «من لا يقرأ يعش حياة واحدة حتى لو اجتاز السبعين عاماً، أما من يقرأ، فيعش خمسة آلاف عام، القراءة أبدية أزلية».

وأجمل ما قيل في القراءة، حين نزل جبريل عليه السلام على محمدﷺ قال له: (اقرأ).. أول آية نزلت بدأت بـ (اقرأ).

«اِقـرأ اِقـرأ ِاقــرأ»

قالها الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مخاطباً شعبه العظيم.

المكتبات، حدائق العقول تأخذ النهمين والشغوفين بين أرففها حتى سويعات المساء، تجابه النبلاء، والشعراء، والأدباء.