نشرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منشورا، حمل عدة مفاهيم خاطئة لدى العامة عن تحول أو خصخصة بعض القطاعات، وبعض الوظائف ببعض القطاعات أحيانا أخرى، بالمنشور تجد المفهوم الصحيح بعد كل مفهوم خاطئ، ولم تكن هذه الخطوة لتتخذ من قبل الوزارة ما لم تكن هذه المفاهيم -وللأسف- منتشرة في أوساط العامة، والذين لا يخلو حديثهم اليومي من الخصخصة، وكيف تنتقل تبعية موظفي جهة حكومية من القطاع العام إلى القطاع الخاص.

ولتبسيط هذا المفهوم وإيصاله بشكل أوضح، فهذه الخطوة هي أشبه بما حدث قبل سنوات عديدة ليخرج ما يعرف حاليا بـ«الخمس الشركات الكبرى»، أو ما يصنف بـ«القطاع شبه الحكومي»، وهي «رامكو، الكهرباء، الخطوط السعودية، سابك، الاتصالات السعودية»، وهي التي كانت قطاعات حكومية، وتحولت لشركات أو مؤسسات ذات صفة ربحية، ولها مجلس إدارة وملاك وأسهم، ولكن ملكيتها العامة للدولة.

فبهذا المثال المشابه وليس المطابق، تتضح الصورة العامة لما يحدث حاليا في تلك القطاعات التي تمت خصخصتها، وبهذا يمكن لـ«المتوترين» بخصوص فقدانهم لوظائفهم الحكومية، وكيف أنها ستصبح «قطاع خاص» أن يقارنوا حالة الموظفين في تلك الشركات الكبرى مع وضعهم الحالي في وظائفهم الحكومية.

في القطاع الحكومي المجتهد والمبدع ومن حصل على «رزمة» شهادات وخبرات من «برى وجوا»، ومن لم يحصل على شيء في الهواء سواء»، أتذكر مهندسا تخرج من جامعة البترول والمعادن تخصص «هندسة طيران» وبتقدير مرتفع، وتم استقطابه من قبل إحدى شركات الطيران، وبمرتب آنذاك يقارب الـ20 ألف ريال سعودي، وترك هذه الوظيفة بعد أن وجد رقما شاغرا على الوظائف الإدارية بوزارة الصحة، وبـ«قدرة قادر» أصبح يعمل «ناسخ آلة» على المرتبة السابعة تقريبا، بقسم التقارير الطبية بمستشفى المحافظة، فقط لأن الأمان الوظيفي في الوظيفة الأولى أقل، ولا مانع لديه ولدى أغلبيتنا بأن نخسر نصف مرتباتنا مقابل أن يقال عنا «موظف حكومي».

وهل تعتقدون أن حال صاحبنا هذا ومعه عشرات الآلاف من شبابنا الذين تركوا مثل هذه الوظائف المتناسبة مع مؤهلاتهم وطاقاتهم، التي يمكن أن يصبحوا بها على مستوى العالم «مخلدة أسمائهم»،أنه سيكون أفضل لهم الحصول على وظيفة حكومية، ولكم مقارنة ما نحصده كمستفيد نهائي من خدمات إن كانت وظائفهم حكومية أم تحولت للقطاع الخاص. فهل تعتقدون أن موظفا في استقبال مستشفى حكومي وبوظيفة حكومية، قد ترقى على مرتبة حكومية للتو «أي أنه ضمن 4 سنوات من المرتب نفسه بلا زيادة أو نقصان مهما كانت قدراته وطاقاته»، أنه سيقوم بخدمة المراجع بكلمة «السستم عطلان»، وإن أحب التوضيح أكثر لك فسيقول «ومصلح الشبكة بيتهم ضربه نيزك في غرب أستراليا والمحيط المتجمد الشمالي أغرق السفينة التي سيصل بها إلينا، فـ«تعال بكره»، أم أنه سيستقبلك بكلمة «تفضل عزيزي العميل كيف أقدر أخدمك»، وكلما تنقل الموظف بين وظائف تهتم بقدراته وتطويره وتدريبه، كلما تنقل المراجع بين قطاع وآخر، ويتم استقباله بالخدمات التنافسية، وروائح العود، بدلا من الأعذار الواهية، وكل ذلك بـ«بركاتك يا خصخصة».