مفاوضات ومطالبات الضغط لا تجدي مع الميليشيات الحوثية المؤتمرة بقرارات طهران وقم، ومندوبها «السامي»، ولن ترضخ لأي قرارات أو ضغوط، منها ما صدر أول أمس بأن الأمم المتحدة وضعتهم في القائمة السوداء، لجرائم قتل وتشويه 250 طفلا يمنيا، ولن يرعووا إلا بتطبيق القرار الدولي 2216، وتجريد قوة دولية ضاربة تحت علم الأمم المتحدة، وتجسيد مجلس الأمن دوره لفرض الأمن والسلام، وليس باسترضاء الأمم المتحدة مناشدات ممارسة الضغوط بقرار هامشي للانخراط في مفاوضات سلام، وتكرار إرسال الوسطاء، وتعيين مبعوث دولي جديد مع علم المجلس علم اليقين أن الحوثيين لن يبدون أدنى موافقة على تسويات، حتى لو عُرِض عليهم مقدما جميع الوزارات السيادية، ورئاسة مجلس الوزراء، وأمانة العاصمة، وتجريدهم من الأسلحة الصاروخية الباليستية والطائرات المسيرة، أو أن يتحولوا لحزب سياسي.

نواياهم ورأس أولوياتهم أن يجعلوا من اليمن كله ولاية تابعة لما يطلق عليها «الجمهورية الإسلامية في إيران»، وما لم تنتفض جميع المحافظات، لمقاومة القهر الحوثي، ومشائخ القبائل المؤيدين للحوثي، للكف عن إجبار أطفالها على القتال مع الميليشيات، عندها سيراجع خادم الملالي عبدالملك الحوثي حساباته، وسيساوم على عدم محاكمته مقابل الإبقاء عليه حيا.

ومن أهم أوراق الضغط الشعبي أن يرفض مشائخ القبائل إمداد الميليشيات بالأطفال والشباب من كل القرى والمدن والنواحي والعزل، وأن يدعموا جموعا من المحافظات بانتفاضات شعبية، بالتنسيق مع الشرعية. بغير هذا، فلينتظر العالم عشرة أعوام من المفاوضات، إلا إذا تمركزت قوات دولية في موانى «الحديدة» الثلاثة، وتتولى المسؤولية المباشرة على توزيع المساعدات، وتتموضع على مداخل ومخارج المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون، وتحاصر صنعاء، وتسمح بدخول المساعدات بحراسة دولية، وتمنح الحوثي مهلة محددة، لتدمير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ولا تستثني إلا قوات شرطية رسمية سابقة، وتسحب الميليشيات، وتلغي كل التنظيمات الميليشياوية بالتزامن مع مفاوضات تقوم على أساس مخرجات الحوار اليمني، واتفاقية السلم والشراكة، والمبادرة الخليجية، وتحت سقف القرار الدولي 2216، وأن تتمخض نتائج المفاوضات عن التطبيق الكامل للقرار.

هذا حلم هل يتم أو يتاح له؟، وهل تفعلها «دول الفيتو»؟.

وبغير هكذا إجراءات من قِبل الأمم المتحدة لن تحل الأزمة، خاصة أن لديها قرار 2216 تحت البند السابع، والتي لن تتم من غير فك ارتباط الحوثيين عن إيران، ورفض تطبيع فرنسا وبريطانيا وأمريكا علاقتها مع إيران قبل أن توقف دعمها الحوثيين. ومن جانب آخر، أن تمارس الصين وروسيا ضغوطها على إيران، فإن فعلتها «دول الفيتو» الخمس بجدية سيتأكد العالم أنها بالفعل تريد السلام والأمن لليمن، أما إن ظلوا يتوددون لإيران، دون ربط وقفها إنتاج السلاح الصاروخي الباليستي، وغض الطرف عن تزويدها ميليشيات انقلابية بالسلاح الصاروخي الباليستي والطيران المسير، وتعيينها ممثلا لـ«خامنئي» في صنعاء، عندها تنكشف مواقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأن الدول المتحكمة بقرارات مجلس الأمن لا تريد الخير لليمن ولا للمنطقة، وكل ما ينادون به أو يدعون إليه محض استخفاف بعقول العالم أجمع.

عندها، فلتعترف الأمم المتحدة، التي هي في الواقع «دول الفيتو الخمس»، بأنها غير معنية بأي قرار دولي بخصوص اليمن، ولا بالقرار 2216، خاصة وقد حالت بعض «دول الفيتو» جيش الشرعية والتحالف العربي دون تحرير «الحديدة»، ثم تضاحكوا بمؤتمر استوكهولم، وصدر قرار من مجلس الأمن برقم 2451، الخاص بقضية «الحديدة»، عطفا على اتفاقية السويد، ولم ينفذ، وظل مجلس الأمن على مواقفه العتيقة، لحفظ ما بقي من ماء الوجه عبر دعوات فارغة المضمون لحوارات وجولات تفضي لمباحثات، تقود لتسوية سياسية عن طريق مفاوضات، يسبقها وقف إطلاق النار، ولم يتغير الوضع، بل وأطلقت تلك المبادرات مرات سابقة عن موضوع «الحديدة»، قابلتها ميليشيات الحوثي باقتحام قرى ونواحي في محافظة «حجة»، ونكلت بمشائخها، وصفَّت المناوئين لها، دون أي تحرك لإنقاذهم، بل منح مجلس الأمن الوقت الكافي للميليشيات، وضمن بقاء «الحديدة» ومينائها تحت سيطرتها، لتستقبل عبر هذا الميناء الأسلحة القادمة من إيران.

حاليا، تتكرر لازمة عدم المبالاة بأي مبادرات لوقف إطلاق النار في «مأرب»، بل قابلها الحوثيون، خاصة عندما يحل أي من المبعوث الأمريكي أو المبعوث الدولي في صنعاء، بمضاعفة الانتهاكات، ومحاولات اقتحام «مأرب»، بينما الشرعية والتحالف قبلت وقف إطلاق النار في جبهات صنعاء والبيضاء وصعدة والحديدة والساحل.

وفي حين أسهمت، ولا تزال تسهم، «دول الفيتو» الخمس في تنمر ميليشيات الحوثي، يلتزم جيش الشرعية والتحالف باحترام قرار وقف إطلاق النار، وظلا في موقف المدافع عن «مأرب»، فهل من أحد عاقل سيثق في جدية مجلس الأمن؟!.

الواقع أن «دول الفيتو» وألمانيا لا يهمها إلا التصالح مع إيران، ولسان حالهم: «فلتفعل إيران ما تشاء في اليمن والعراق ولبنان وسورية ما دامت ملتزمة بعدم تهديد أمن إسرائيل، وسندعم استئناف استثماراتنا في إيران، ونضمن عدم استهدافها مصالحنا في تلك الدول».

هل من داعٍ أن نظل بلازمة رد الفعل المفضلة، فـ«على المجتمع الدولي الضغط على ميليشيات الحوثي وعلى إيران»، لكن ليس متوقعا في القريب العاجل أن تضع «دول الفيتو» ممارسات الحوثيين المدعومين من إيران ومنفذي أجندتها في المنطقة على قائمة أولوياتها. وهل يمكن، إن لم يكن مستحيلا، أن يُرشد مشائخ بعض قبائل شمال اليمن في تقديم مصلحة وطنهم اليمن وشعبه قبل مصالحهم الشخصية، أم يقدمون أن تظل جيوبهم متخمة بالمال المشبوه مقابل تقديم أطفال تلك المحافظات درعا أمامية لميليشيات تخدم جماعة ملالية، وولي أمرها خامنئي، تحت عناوين مخادعة.