في الآونة الأخيرة، تزايدت بشكل كبير ظاهرة مشاركة البعض تجاربهم وآرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي عن المنشآت والشركات التي يتعاملون معها، ولا سيما عند وجود قصور في الخدمة أو ارتفاع في الفواتير، لتتعرض الجهات الخدمية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، لعدد كبير من الانتقادات، ويتساءل البعض عن كيفية التعامل مع هذه الانتقادات والآراء السلبية؟، وهل يتوجب الرد عليها بشكل مباشر أم يجب تجاهلها؟، ولا سيما أنها تعكس وجهات نظر شخصية، تتفاوت من عميل لآخر. سنستعرض هنا تجربة بعض الشركات الخاصة التي تهتم بشكل كبير برضا العميل، خاصة أن الهدف الأساسي لهذه الشركات هو تحقيق الأرباح وكسب العملاء.

في دراسة أمريكية عن غضب المستهلكين لـ2020، وجد أن نسبة العملاء الذين يفضلون عرض شكاواهم عبر المنصات الرقمية بدلا من الاتصال على أرقام الخدمة والشكاوى قد تضاعفت ثلاث مرات. كما أن 48% من المستهلكين الأمريكيين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي في اختبار جودة خدمات الشركة، وتحديد القابلية للتعامل مع تلك الشركة أو عدم التعامل.

وفي مقال، نشرته مجلة «هارفارد» للأعمال بعنوان «لا تتفاعل مع شكاوى العملاء على تويتر»، يرى صاحب المقال أن الفكر التقليدي لبعض المؤسسات والشركات يقتضي الاستجابة للشكاوى بسرعة وبشكل علني، ويرى أن هذا التصرف فيه الكثير من العيوب، فعلى الرغم من أن الردود العلنية قد تدل على اهتمام الشركة بعملائها، فإن هذه الردود قد تجعل التركيز منصبا على تلك التجارب السلبية، وإغفال الجوانب الإيجابية الأخرى. ويستطرد المقال أنه من خلال تحليل موسع لأنشطة الشركات العالمية على «تويتر»، وجدوا أن الآثار السلبية للتفاعل مع تلك الشكاوى تفوق أي تأثير إيجابي لإثبات عملية الاهتمام بالعملاء. وحسب المقال، تابعت دراسة تغريدات تلك الشركات وتغريدات العملاء على مدى ثلاثة أشهر، وتم تصنيف إستراتيجية التعامل مع تلك الشكاوى إلى نوعين: الأول ترد الشركة أو المؤسسة علانية على كل الملاحظات والشكاوى، والنوع الثاني من تلك الإستراتيجية هو رد واحد فقط، يحيل المشتكي إلى رقم خاص أو الرسائل الخاصة. ولوحظ أن الجدال العلني والردود المتوسعة تسببت في تضرر تلك الشركات والمؤسسات مقارنة بمناقشة تلك الشكاوى من خلال قناة خاصة. ويخلص المقال إلى أن التفاعل علانية مع الشكاوى والملاحظات ليس الخطوة الصحيحة، ولكن هذا لا يعني تجاهل تلك الملاحظات، وإنما يفضل أسلوب الشركات العالمية المشهورة، التي تنهج الرد برسالة واحدة فقط، تدعو فيها العميل إلى مواصلة المحادثة عبر وسيلة خاصة. ويستدل المقال بشركة «دلتا» للطيران، التي كانت تنهج الاستجابة المفتوحة، إلا أنها لاحقا أغلقت الحساب المخصص لخدمة العملاء، وباتت ترد على ملاحظات العملاء مباشرة برسالة من الحساب الأصلي. كما أن شركة «ماكدونالدز» تنهج إستراتيجية الاستجابة المغلقة، من خلال رابط ينهي السجال على «تويتر»، ويحيل الشاكي إلى قناة خاصة. وأخيرا، فإن الردود العلنية والمفتوحة قد تكون لها انعكاسات سلبية، وقد تؤدي إلى تشجيع عملاء ليس لهم سابق تجربة مع الشركة أو المؤسسة لتكوين صورة ذهنية سلبية عنها، تؤثر في تعاملهم مع منتج وخدمات تلك الشركة أو المؤسسة مستقبلا.