كل يحق له أن يفخر ويعتز بنفسه في غير خيلاء، ولكن نرى بعضا من الناس لم ير إلا نفسه فقط، وكأنه يعيش في الكون بمفرده، ولسان حاله يقول لا أريكم إلا ما أرى.

تلك الفئة من البشر إذا حضر مجمعا من الناس يريد أن يكون الأبرز بين كل من حضر؛ فيتزعم صدر المجلس، ويستأثر بالحديث، ولا يترك الفرصة لأي أحد من الحاضرين أن يبدي وجهة نظره أو يشرع في المناقشة، ولا يتيح له تجاذب الحديث مع الآخرين.

هذه النوعية من البشر عمم موقفا أو حدثا كان فيه هو الكل في الكل أي الرقم واحد؛ فهو يأمر وينهى ويقبل ويرفض، ويجيز وينكر، ويتحدث ويصمت... بمعنى أنه صاحب الصلاحيات ورجل اتخاذ القرارات.

الحقيقة التي يجب أن ندركها جميعا أن رقمنا الاجتماعي ليس ثابتا، فالأب في بيته يعتبر الرقم واحد فهو رب الأسرة، ومسؤولها ومديرها، ولكن بحضور والديه يصبح الرقم 3 اجتماعيا، وبحضور الجد والجدة يتحرك قليلا إلى الوراء فيحمل الرقم 5... وهكذا.

وما ينطبق على الأب يسري على الجميع في كل حقبة من الزمن، وفي أي ميدان من ميادين معركة الحياة. وهذا يؤكد ضرورة معرفة رقمنا الاجتماعي على الوجه الصحيح؛ لتبقى جسور الوصال مشيدة وممدودة بين أفراد المجتمعات ما لم تبلغ القلوب الحناجر.