عالم ما قبل كورونا.. يبدو أنه لن يعود إلينا عالمنا، الذي نعرفه كما كان قبل جائحة كورونا، التي ضربت العالم منذ نهاية 2019، فما زالت التداعيات والآثار الصحية والاقتصادية والبيئية جارية، والتغيرات لا تتوقف.

على صعيد التغيرات، بادرت دولة اليابان التي تُعرف بدقة منظومتها العمالية، بالمرونة مع ما أفرزته الجائحة، من تجربة العمل عن بعد، وما حققته من قضاء وقت إضافي مع الأسرة، حيث طرحت إجراءات جديدة تقوم على تحديد أيام العمل بأربعة أيام أسبوعيًا، وهو القرار الذي يستفيد منه حوالي 70 مليون نسمة.

الفكرة ذاتها، لم يكن مسقط رأسها طوكيو، حيث يدور جدل عالمي منذ سنوات حول جدواها، وسبق أن طرحتها روسيا خلال فعاليات مؤتمر العمل الدولي بسويسرا في يونيو 2019.

تشجيع الشركات

بدأت الحكومة اليابانية الجمعة الماضي، تشجيع الشركات لإتاحة هذا القرار، بهدف تحقيق التوازن بين العمل والحياة، وأدرجت هذا القرار ضمن مبادئها التوجيهية السنوية للسياسة الاقتصادية، التي وضعتها حكومة رئيس الوزراء يوشيهيدي سوجا، وذلك حسب ما ورد في وكالة الأنباء اليابانية «كيودو».

وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن جائحة فيروس كورونا، ساعدت على أن تكتسب فكرة العمل لمدة أربعة أيام زخماً واسعاً.

وتعزي طوكيو ذلك إلى الرغبة في زيادة في الإنتاجية.. وانخفاض في فواتير الكهرباء، ففي في عام 2018 أعلنت شركة «بيربيتشوال جارديان» النيوزلندية نتائج خفض أيام العمل إلى 4 أيام في الأسبوع، مع الإبقاء على الراتب الأساسي أو البدلات، أظهرت النتائج ارتفاع الإنتاجية بنسبة 20%، وتوفير 20% من قيمة فاتورة الكهرباء.

وفي عام 2019 أجرت شركة «مايكروسوفت» اليابانية للبرمجيات التجربة ذاتها، وذكرت وكالة «بلومبيرج» الأمريكية، أن هذه التجربة أدت لزيادة معدل مبيعات التي يحققها الموظف 40%، وانخفض استهلاك الكهرباء بنسبة 23% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وفي هذا العام قبلت الحكومة الإسبانية اقتراح الحزب اليساري الصغير «ماس باييس» وذلك بحسب ما أفادت صحيفة الجارديان البريطانية، اعتبر زعيم الحزب إينيجو إريخون في تغريدات له على «تويتر» أن إسبانيا إحدى الدول التي يعمل بها الموظف ساعات أكثر من المتوسط في أوروبا، ومع ذلك لسنا على من بين الدول الأكثر إنتاجية... فالعمل لساعات أكثر لا يعني العمل بشكل أفضل.

مخاطرة التجربة

تواجه الفكرة بعض الانتقادات في إسبانيا، حيث وصفها أحد قادة جمعيات الأعمال الرئيسية في البلاد، بكونها جنونا، وذلك في أعقاب الركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد وفقاً لصحيفة الجارديان.

ولا تختلف تلك الانتقادات عن المنتشرة في اليابان، حيث اعتقد نائب رئيس معهد الأبحاث الياباني هيساشي يامادا، بناء على ما أوردته وكالة الأنباء اليابانية ألّا ينتشر هذا النظام في اليابان بسرعة، لأن ذلك يمكن أن يعقد من مسألة إدارة الموظفين وتقييمهم، فالإجازة لمدة ثلاثة أيام من شأنها أن تفتح المجال لبعض الموظفين لأداء أعمال إضافية، وهذا ما سيؤثر على إنتاجيتهم.