على الرغم من أن معدل الخصوبة على مستوى العالم في انخفاض مستمر، حيث إن كل عام يقل عدد المواليد فيه عن العام الذي يسبقه، لأسباب عديدة، لست بصدد ذكرها، فإن إنتاج حليب الأطفال في ازدياد، فمثلا في 2017 أنتجت شركات الحليب قرابة 2.7 بليون عبوة حليب، ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج بمعدل %4 حتى نهاية 2021، وهذا يدل على زيادة استهلاك الحليب الصناعي في أنحاء العالم تبعا لانخفاض معدل الرضاعة الطبيعية الحصرية (رضاعة طبيعية خالصة خلال أول 6 أشهر من العمر)، ففي مصر، على سبيل المثال، كانت نسبتها أقل من %40. بينما أفادت دراسة في «دكا» بأن %53 من الرضاعة الطبيعية الحصرية سُجلت في الشهر الأول من العمر، وانخفضت إلى %5 فقط عند عمر 6 أشهر، وأظهرت الدراسات الإقليمية والوطنية المنشورة في المملكة العربية السعودية أن انتشار الرضاعة الطبيعية الحصرية منخفض للغاية، فأقل من %10 من الأمهات السعوديات يُرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية حصرية حتى عمر 6 أشهر، ولكن هناك دراسة محلية مبشرة، نُشرت في مايو لهذا العام، كانت نسبة الرضاعة الطبيعية الحصرية بها بين الأمهات السعوديات تُقارب 28%، تزامنا مع رفع الوعي المجتمعي بأهمية الرضاعة الطبيعية. وعلى الرغم من ذلك، فهناك %72 من الأمهات يرضعن رضاعة مختلطة أو رضاعة صناعية خالصة، لاعتقادهن عدم كفاية الرضاعة الطبيعية، وكان العامل الأكثر شيوعا وراء اختيار الحليب الصناعي هو نصيحة الطبيب بـ%40.7، بينما جرب ما يقارب %40 علامتين تجاريتين مختلفتين على الأقل في العام الأول من العمر. وكانت الأسباب الرئيسية لتغيير نوع الحليب الصناعي هو المغص، والغازات، والإمساك بالذات، في الأشهر الأولى من العمر مع أنها أحيانا كثيرة تكون تغييرات طبيعية لا تستوجب تغيير نوع الحليب، وأحيانا يغير الطبيب الحليب بسبب الارتجاع المعدي المرئي، وهذا كان بـ%20.4، حسب دراسة صادرة من كلية الطب بجامعة الملك سعود في الرياض.

دوامة تغيير الحليب هي دوامة مستمرة، وكطبيبة أطفال أجد أن الأمهات حينما يدخلن في هذه الدوامة لا يخرجن منها سريعا تحت تأثير توصية الطبيب، أو آراء الصديقات وتجاربهن، فتجدهن يغيرن حليب أطفالهن بتغيير الطبيب أو باختلاف الصديقة، على الرغم من أن تغيير الحليب الصناعي لا يعد ضرورة إلا في حالات طبية معينة، يحددها الطبيب المختص، مثل حالات الأمراض الاستقلابية وحالات مرضية أخرى.

مع وضع نظام تداول بدائل حليب الأم، واللائحة التنفيذية الخاصة بهذا النظام منذ 1425، واعتمادها من المقام السامي، وتحديثها في 1440، ليشمل جميع حليب الأطفال الصناعي حتى عمر ثلاث سنوات، لا يُروج لهذه البدائل في أي وسيلة إعلامية أو عن طريق الممارسين الصحيين، ويُمنع إعطاء العينات المجانية منها. وتضم هذه اللائحة 28 مادة، كلها لضمان سلامة غذاء الطفل ولحماية الأم وطفلها من تأثير الإعلانات التي هدفها البيع أكثر. أحد شروط هذه اللائحة التنظيمية وضع عبارة تفيد تميز الرضاعة الطبيعية، بحيث تكون مكتوبة على كل عبوة حليب صناعي، وأقترح أن نضع معلومة إضافية، لتتأخذ كل أم قرارها على بينة ودراية، وهو تحذير «إن الاستخدام المبكر للرضاعة الصناعية من شأنه أن يقلل من فرص نجاح الرضاعة الطبيعية واستمرارها».