عدم نسيان الماضي والاستمرار في اجترار كل صغيرة وكبيرة فيه، ونبش الملفات القديمة من أرشيف عفا عليه الزمن ظاهرة غير صحيّة. في هذه الحالة كأن الشخص يتحرك في اتجاهين متعاكسين متضادين في الوقت نفسه واللحظة، وهل تظنه يتقدم ولو خطوة نحو الأمام؟! بالتأكيد لن يتزحزح قيد أنملة، لقد حكم على نفسه بالبقاء في تلك النقطة، فلن يرى ما يراه الناس ولن يسمع ما يسمعونه؛ تتجاذبه أمواج الحياة العاتية ويأتيه الموت من كل مكان؛ لأنه مغرم بحكايات «كان ياما كان في سالف العصر والأوان...».

وما أكثر من يعيشون في الماضي طويلاً! فنقول لهم: الماضي ليس إلا منصة للقفز للأمام لا أريكة للاسترخاء. لا تجعل غيوم الماضي الذي عشته تغطي شمس الحاضر الذي أنت فيه الآن، ولا تخرج من دائرة الحاضر فجأة لتعانق آفاق المستقبل.

امكث في مختبر حاضرك الفترة الكافية التي من خلالها تتأكد من نجاح تجاربك وأدواتك المؤهلة لخوض دروب المستقبل الواعد. فالموازنة بين محطات الحياة الثلاث (الماضي، الحاضر، المستقبل) كفيلة بحياة مستقرة متوازنة بمشيئة الله.

فقد اهتم ابن خلدون بالعناصر الزمنية الثلاثة: الحاضر، والماضي والمستقبل، وكانت تشغل مساحة ملحوظة في مجال تفكيره، فلا يكاد يصدر حكماً، أو تقييماً تاريخياً، أو اجتماعياً، إلا وبانت فيه تلك العناصر الثلاثة من الزمن.

فمن أراد أن يتقدم فلا يغلِّب جانب التفكير في الماضي ويبالغ في ذلك، فبعمله هذا أخطأ الاتجاه الصحيح لخط سيره في الحياة.

فالمثل الإنجليزي يقول:

do not look back. you not go in that way.