إلى الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، الكل يعلم الدور الذي يقوم به سموكم في جميع المجالات لتنمية الإنسان والمكان ومحاربة الكثير من المظاهر السلبية الاجتماعية في المنطقة، من خلال مبادرة إرساء السِلم المجتمعي التي ترعى حقوق الإنسان وتحميه من العنف، وشعوره بالأمن والأمان، ومحاربة الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية، والوقوف في طريق كل من يعتدي على حقوق الآخرين سواءً بالسلب أو الترويع أو التهديد.

وهنا أنقل لسموكم معاناة السيدات اللاتي يُغتصبن في حقهن من الميراث الذي هو حقٌ شرعي ترثه من أبيها أو أخيها. وإليكم هذه الظاهرة الاجتماعية في بعض محافظات منطقة عسير وهي إخراج المرأة من نصيبها الإرثي في تركة والدها أو أخيها، وهو ما يُعرف (بالمخارجة) أي إخراج المرأة من حقها الذي أتى به أمر الله عز وجل بالعدل وإعطاء كل ذي حقٍ حقه، إلا أنَّ البعض لا زال ينظر إلى أنه يجب على المرأة التنازل عن حقها لإخوتها، وحرمان نفسها وأولادها، على أن تستمر أخوتهم لها وإذا رفضت، فإنه يتم قطع علاقتهم بها، والسبب مطالبتها بنصيبها في الإرث،

وفي حالة موافقتها يُرفع لها ما يسمى (بالراية البيضاء)، وهي قطعة قماش بيضاء تُرفع لها على سطح منزلها لمدة ثلاثة أيام، إشارةً على تنازلها عن حقها وحق أبنائها وزوجها، وتذبح لها شاة، ويدعون مجموعة من الناس ويُعلَم من ذلك تنازلها لإخوتها وعدم إدخال غريب بالتركة.

إنَّ هذا يا سمو الأمير من العادات الجاهلية وحرمان أصحاب الحقوق مِمَّا أمر الله به عز وجل، ويخلق الضغينة والحسد بين الأولاد، ويُصدَر خلال ذلك حكم شرعي من المحكمة أنه تم التنازل عن حق الأخت أو البنت، وهو إجراء نظامي أُرِيدَ به شرا لكي يمنع أي مطالبة مستقبلية من أولادها أو بناتها، بدعوى الغرر أو الإكراه والظلم، وأنها وافقت برغبتها وبكامل قواها العقلية.

لذا فإني أناشد سموكم الكريم نيابةً عن المستضعفات بالقضاء على هذه المعضلة الأزلية وإبلاغ مشايخ القبائل والنواب وأئِمة المساجد وقضاة المحاكم باجتثاث هذه القضية المحرمة المؤلمة، وتعريض من يُقدِم على ذلك للعقوبة والمساءلة، وذلك لأنه منعٌ لشرع الله.

سمو الأمير... من للمستضعفات؟ من للمعنفات؟ من لمن سُلبت حقوقهن في وضح النهار، وبتأييد من القاضي بحكمٍ قاسٍ؟.

من لمن يعشن في بيوتهن سنين حسرة وفقر مع أطفالهن، وهُنِّ ينظرن إلى آثار النعمة على إخوانهن، يسكنون في أعالي القصور، ويركبون أفضل وسائل النقل لهم ولأولادهم، أو يسافرون مستمتعين بمال وحلال هذه السيدة المضطهدة... السيدة المقهورة المطرودة المنفية المهجورة التي " تنخاك" سمو الأمير.

إنَّ مبادرة إرساء السِلم المجتمعي استبشر بها المواطنون لما لها من محاسن جمة، تضفي على المجتمع صبغة الأمن والأمان،

وتطرد صفة الظلم والاضطهاد بأنواعه كافة، لكن استمرار هذا النوع من العنف بين الإخوة والأخوات يقوض وينسف كل قواعد الأمن والسِلم، وتزداد البغضاء بين الأسرة الواحدة التي هي نواة المجتمع.

وقفة: إنَّ قضية الفتاة التي حاولت الانتحار يوم الخميس بتاريخ 10/9/1442هـ، لخير دليل على انتهاك حقوق المرأة في الميراث.

وفي الختام أدعو الله عز وجل أن يوفق سموكم إلى كل ما يحبه الله ويرضاه.