اليوم وبعد أكثر من عام ونصف ما زالت الجائحة تلقي بظلالها على عالمنا، ويستمر هذا الفيروس في مفاجأتنا تارة تلو أخرى، فلم يعد وحده المرض الشديد أو الوفيات الناتجة عن الإصابة، ما يثير القلق، فالتحورات المقلقة من جهة وكوفيد طويل الأمد (Long COVID) من جهة أخرى تجعل فكرة التعايش مع فيروس كورونا مربكة بل وربما أبعد مما نتوقع.

فالمتحور دلتا يبدو أنه أسرع انتشارًا وربما يحتاج لمناعة أقوى من تلك التي توفرها الجرعة الواحدة من اللقاح، وهو ما يحتاج لمزيد من الوقت مع عدم إغفال أن هناك فئة ليست بالصغيرة معرضة للإصابة ونشر الفيروس، وربما تسهم لا سمح الله في ظهور تحورات أشد شراسة من سابقاتها، كالأطفال دون الثانية عشر، فلم تثبت مأمونية اللقاحات لهم إضافة لتردد الكثير من فئات المجتمع المختلفة ممن أثبتت الدراسات فعالية ومأمونية اللقاحات لهم يؤخر عودة مظاهر الحياة لسابق عهدها قبل الجائحة.

أما ما يطلق عليه كوفيد طويل الأمد فقد تواترت الدراسات الوبائية لتأكيد حدوثه في حالات كثيرة لمن أصيب بالعدوى فتستمر معهم أو تعود إليهم بعض أعراض الإصابة برغم أن الفيروس لم يسبب لهم إلا أعراض خفيفة إلى متوسطة، ولم تستدع إصابتهم التنويم، بل وقد تظهر عليهم أعراض جديدة لمضاعفات متعبة منها ما يتعلق بوظائف القلب وغيره من أعضاء الجسم المختلفة بل وربما تكون هذه الأعراض أشد خطورة من تلك التي ظهرت ابتداءً بعد العدوى مباشرة، فكوفيد طويل الأمد أيضًا يجعل مسألة العودة لممارسة النشاطات الحياتية بلا تحرز والتعايش مع الفيروس أمرًا بحاجة للروية لمزيد من الدراسة.

الطريق إلى النهاية وإن طال أصبح واضح المعالم فوجود اللقاحات الفعالة والآمنة مهد الطريق والإجراءات الاحترازية كلبس الكمامة وغسل اليدين والتباعد والتي تعودنا عليها برغم أعبائها أثبتت فعاليتها وكفاءتها في الحد من انتشار العدوى، ولا بأس أن نستمر في التقيد بها لفترة أطول في سبيل الخلاص من هذه الجائحة مع الحرص على تشجيع بعضنا البعض للحصول على أحد اللقاحات المعتمدة لنصل لنسبة عالية من التحصين المجتمعي ليصعب على الفيروس الانتشار فيما بيننا، وبالتالي نضمن عدم تحوره لأشكال تقلل من فعالية اللقاحات المتاحة، ومع ضرورة المسارعة في تسجيل فلذات أكبادنا ممن تجاوزت أعمارهم الثانية عشرة لتلقي اللقاح لينعموا بحياة صحية آمنة بعيدًا عن أخطار كوفيد المباشرة وغير المباشرة وطويلة الأمد.

ومع كل ما يدور حولنا في هذا العالم بسبب هذا الفيروس إلا أننا في بلد الأمن والأمان، ننعم بقيادة آثرت صحة المواطن والمقيم على أراضيها وضيوفها على أي اعتبارات أخرى، واستحقت بكل فخر التميز في إدارة أزمة الجائحة، ولا غرابة فهي السعودية العظمى بلا شك، شاء من شاء وأبى من أبى.