كنت في أولى خطواتي بالجامعة منبهراً، مترقباً ما هو آت، حياة كل ما قيل عنها أنها ستصبح ذكريات لا تنسى، سأقابل أصدقاء العمر بهذا المكان، سأعيش الكثير من التفاصيل التي سأسردها في قصص ذكرياتي في يوم ما بعد التخرج.

بين أروقة الجامعة عشت ذكريات هام بها عقلي وحفرت في قلبي، قابلت الزملاء والأصدقاء، هنا تعرفنا على بعضنا البعض، وهنا ناقشنا كيف كانت إجاباتنا ما بعد الامتحان، وهناك كانت أول فرحة بنجاحنا بامتحانات العام الأول، وهنالك تناثرت دموع الوداع بتخرجنا.

في هذا الرواق وقفنا جميعاً نواسي صديقاً لفقده عزيز، وهناك هنأنا صديقا آخر لأفراحه، الكثير من الذكريات والمشاعر عاصرناها بين أروقة الجامعة.

قبل دخولي للجامعة نصحني الكثير أن أستعد للتغيير الذي سيكتنف أيامي، وأن أغتنم كل فرصة وكل يوم، أن الجامعة تجربة اجتماعية لا مثيل لها، فخلال سنواتها سوف أعيش عمراً فوق عمري.

أتذكر أيام المحاضرات كيف كنا نحضر باكرا لنحجز الأماكن المفضلة لنا بجوار الأصدقاء في قاعة المحاضرات، وكيف كان تجمعنا بعد انتهاء المحاضرات لنتناقش عن المستقبل، وذلك في ممرات الجامعة، الكثير من التحديات والكثير من المواقف.

كيف كنا نخطط للمذاكرة، وكيف كنا نحاول تجميع المنهج قبل الامتحان، كيف كنا في الأيام الأخيرة وكل منا يحاول مساعدة الآخر بتلخيص أو شرح أو تحفيز.

كيف التقطنا مئات الصور لنخلد تلك الذكريات ونحاول أن نبقيها حية قدر الإمكان، وكأننا شعرنا حينها إننا سنحتاج إلى تلك اللحظات لتكون لنا ملاذاً من حياة المسئولية التي سنخرج لها بعد أعوام بسيطة من الجامعة.

أتذكر اللقاءات التعريفية والأنشطة الطلابية، وحفلات التخرج والتي فيها ذكريات فوق الذكريات، تمر على عقلي وقلبي وتنقلني إلى الزمن الذي فات، فما بين شوق لتلك الأيام وحنين للماضي الذي كان بين جدران قلبي، حيث إنني ممتن لتلك اللحظات.

لحظات مرت في عمري وتقطرت من بين أصابع كفي، ومرت سريعا فلم أرتو من لقاءات الأصدقاء، كلها رسمت ذكريات في قلبي هي أجمل الذكريات، أتذكر كيف قابلت كل فرد من أصدقائي ومعارفي بالجامعة، منهم من أصبح صديقا عزيزاً ورفيقاً للعمر والرحلة، ومنهم من كان صديق سنوات الجامعة، وفي كل الأحوال أنا ممتن حقا للتجربة في الجامعة التي علمتني الكثير عن الحياة الاجتماعية، والتي طورت شخصيتي وتفكيري، وأعطتني من الخبرات ما كنت سأقضي سنوات خارج أسوارها باحثا عن تعلمه.

أتذكر كيف كان عامنا الأخير، وكيف كنا نتحدث جميعاً بالعيون عن أننا لا نرغب في الخروج ونتمنى لو نبقى وقتاً أطول.. كيف كانت حفلة تخرجنا، وكيف كان اللقاء في آخر يوم بالامتحانات، الكثير من الدموع ولحظات الوداع، نعم نعلم أننا سنلتقي جميعاً بعد فترة من الزمن خارج أروقة الجامعة، لكن كنا جميعا متيقنين أن الحياة لن تصبح كما كانت بالسابق بعد تلك اللحظات.

وها أنا أتذكر تلك اللحظات وأشعر بالحنين، وأتمنى لو يعود بنا الزمن ليوم واحد من تلك الأيام، ونجتمع سوياً لنضحك ونتبادل الأخبار. ذهب بنا الزمن كل في اتجاه، هناك من سافر خارج الوطن ليكمل مسيرته العلمية والعملية، وهناك من انقطع عن الاتصال فالحياة مشاغل، ولكن القلوب مليئة بتلك الذكريات التي تعود للذهن لتكون ونيساً لبعض اللحظات.

أصدقائي كونوا سعداء بين أروقة الجامعة.