تبدأ رحلة صريم البر في عسير مع بداية العام الميلادي في موسم الشتاء القارس، حيث يقوم مزارعو المنطقة ببذر الحبوب الأصلية التي يحتفظون بها من الموسم السابق لتبقى في أكنتها تحت الأرض ما شاء لها أن تبقى، ثم تبدأ بالنمو لتشق سطح الأرض وتستمر في النمو طوال 6 أشهر ليبلغ ارتفاعها 150 سنتيمترا، كأنه تناسل لأجيال متتالية، وتنبت حبة البر الواحدة ما يسمى «الكن» وهو عدد من السيقان التي تحمل السنابل وتبلغ من 7 إلى 10 سيقان في «الكن» الواحد، وتسقى بمياه الأمطار أو الآبار، وتسمى مزارع البر التي تسقى بالأمطار «العثري»، أما ما يسقى من الآبار «بالسقى»، ثم يأتي موسم «الصريم» أي الحصاد، وفيه يقوم المزارع باستخدام أداته القديمة «المحش» وهي شبيهة بالسكين الحادة الملتوية والمدببة قليلا عند آخرها، يستخدمها لقطع العذوق أو السنابل، وقد يستخدم البعض الآخر الحصادات الكبيرة أو الحصادات اليدوية في الوقت الحالي لجني عذوق أو سنابل البر.

اكتمال النضج

ويعلم مزارع عسير أن عذوق البر جاهزة «للصريم» أو الحصاد إذا صارت «بلاده» أو مزرعته تلمع كالذهب مع شروق شمس الصباح، فيتأكد حينها من اكتمال نضج بره فتخطف ناظريه بلونها الأصفر الأخاذ، قبل أن يعي عقله أنه حان موعد حصاده، وبعد الحصاد تجمع «العذوق» أو السنابل على شكل حزم وتنقل إلى ما يسمى «بالجرين»، وهو مكان جمع المحصول للبدء بعملية «الجرش» باستخدام الصخور التي تسحبها الأبقار، كما يتم كذلك فصل «الحثى» وهي القشرة المحيطة بالحب وتستخدم للمواشي، وبعد ذلك «تشرق» هذه الحبوب أو تعرض لأشعة الشمس لتجفيفها لما لا يقل عن 14 يوماً، ثم تعبأ في أكياس من الخيش أو القش للزكاة والباقي للحفظ أو البيع.

وتشتهر مواقع عديدة في عسير بزراعة أجود أنواع البر مثل السودة وطبب وبللحمر وبللسمر.

منزلة النجوم

والتقت «الوطن» في جولتها على قرى عسير بالمزارعين جابر علي بن عامر وعبدالعزيز بن علي آل سعد من شعف آل ويمن، وقالا إن البُر أو ما يُسمى بالحنطة يُزرع في منطقة عسير على امتداد المزارع من السودة والسقا والشعف وبني مازن وحتى القرى المجاورة لمدينة أبها، ويحدد لزراعته فترة محددة تسمى «ذي الخمس»، وهي منزلة من منازل النجوم وتكون في بداية الوسمي فلا يُفضل أن تتم زراعته قبلها، أو بعدها، حيث تبدأ من بداية موسم الشتاء ويستمر إلى 4 أشهر، وقد ينتظر المزارعون فترة ما يُقارب من 5 إلى 6 أشهر - بحسب المكان - حتى يأتي وقت حصادها.