هنأ رئيس مؤسّسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل مؤسسة عبدالحميد شومان بالعيد السنوي لتوزيع جوائزها صباح أمس. وقال في كلمة ألقاها نيابة عنه أمين عام مؤسسة الفكر العربي، الدكتور سليمان عبدالمنعم خلال حفل توزيع جائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب الشبان، وجائزة عبدالحميد شومان لأدب الأطفال: إن حشدكم السنوي الملتئم في هذه المدينة العريقة ليتجاوز في دلالته مجرد حفل توزيع جوائز سنوية لمؤسسة ثقافية أهلية بقدر ما يرمز إلى عدد من المعاني الهامة العميقة. فها أنتم تعلون في هذه الاحتفالية من قيمة العمل التطوعي الجاد والهادف، وتعظّمون دور المسؤولية الاجتماعية والثقافية للقطاع الخاص، والتي كانت مؤسستكم النشطة بفكرتها ونشأتها خير مثال لها. وهو مثال نرجو له أن يتنامى وينتشر في كل ربوع وطننا العربي. فلا يخفى عليكم ما تؤكده أدبيات التنمية الحديثة من ضرورة بل وحتمية تكامل أضلاع مثلث الجهود الحكومية، والقطاع الخاص، والمجتمع الأهلي".

وتابع الأمير خالد: إن اضطلاع القطاع الخاص بدوره في دعم المشاريع والمبادرات الثقافية ليس ترويجاً دعائياً بل هو وفاء بمسؤولية أخلاقية تجاه الفرد والمجتمع. كما أنه يكشف عن حقيقة بسيطة وعميقة لمركزية قيمة الثقافة في أي مشروع تنموي عربي. فالثقافة وما يرتبط بها من قيم المعرفة والفكر والإبداع هي ما ينقل مشروع التنمية إلى حالة نهضوية شاملة. فالثقافة هي حلقة الوصل بين التنمية والنهضة.

وأكد الأمير خالد على دور الثقافة في التنمية قائلا: كنت أردِّد دائماً أن تنمية المكان لا تنفصل عن تنمية الإنسان. والثقافة قادرة على توظيف الاثنين معاً. لكن الثقافة التي نريدها هي التي تجمع بين متطلبات الانتماء للأمة والتمسك بقيمها ومقتضيات الانفتاح على قيم التقدم الإنساني.

ولهذا كان حرصنا في مؤسسة الفكر العربي حين أطلقت الدعوة لعقد قمة ثقافية عربية منذ أكثر من عام أن نؤسس معاً، بشراكة بين المؤسسات الثقافية العربية، لمشروع نهضوي ثقافي وفكري يجري طرحه على القادة وصنّاع القرار. وكان لمؤسستكم ـ مؤسسة الفكر العربي ـ شرف التحضير بالتعاون مع جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (ألكسو) للقاء ضمّ أكثر من 100 مفكر ومبدع عربي إضافة إلى عدد كبير من المؤسسات الثقافية العربية الرسمية والأهلية، وقد صدر عن هذا اللقاء الذي عُقد في بيروت العام الماضي إعلان تمهيدي لمجموعة أولويات للعمل الثقافي العربي المشترك تبنتها جامعة الدول العربية، والأمل أن تُتاح الفرصة قريباً لعقد هذه القمّة الثقافية المرتقبة.

إن المعنى الذي يجسده حفلكم السنوي في حضور هذا الحشد من المؤسسات الثقافية العربية هو تأكيد معنى الشراكة ومقتضيات التعاون والتنسيق بين كل الأطراف المعنية بالشأن الثقافي العربي، وهو أمر طالما دعينا إليه، وكان لمؤسستكم المرموقة حضورها في أول اجتماع لمبادرة شركاء النهضة التي أطلقتها مؤسسة الفكر العربي وهي مبادرة نأمل أن تمضي قدماً إلى الأمام.

ولم تغب المجتمعات العربية عن كلمة الأمير خالد، حيث تابع مخاطبا الحضور بقوله: إن مجتمعنا العربي يواجه اليوم تحديات ثقافية عديدة علينا أن نتجاوزها بإرادة إصلاحية حقيقية وبوعي الحفاظ على نسيج أمتنا ووحدة أوطاننا. وبالإرادة والوعي علينا أن نضع قضية مجتمع المعرفة في قلب أولوياتنا. وهي القضية التي نسعى لدراستها واستجلائها من خلال التقرير العربي للتنمية الثقافية الذي أصبح مشروعاً معرفياً جامعاً يضطلع به عشرات من المفكرين والخبراء والمتخصصين العرب من كل أرجاء الوطن العربي، ليرصد السلبيات كما الإيجابيات في مسيرة حراكنا الثقافي والمعرفي.

وفي هذا السياق ربما كان علينا أن نعيد طرح سؤال: هل نريد "ثقافة التغيير أم تغيير الثقافة؟"، هذا السؤال الذي سبق أن طرحناه في المؤتمر الثالث لمؤسسة الفكر العربي بالمغرب عام 2004. هذا السؤال يحتاج في الواقع إلى قدر من التأمل والنقاش؛ وفي النقاش يظهر أحياناً تباين في الرؤى والآراء؛ ومن هذا التباين نأمل أن تولد الرؤى الجديدة وتتكامل الآراء. وصدق الله العظيم إذ يقول" فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ".

يذكر أن ستة فائزين نالوا جائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب الشبان عن دورة عام 2010، وهم حبيب عباس دقيق، جائزة العلوم الطبية/ الجامعة الأميركية/ بيروت، وشريفة أحمد عمران، جائزة العلوم الطبية/ جامعة أسيوط، وسعيد محمد الزهراني، جائزة العلوم الهندسية/ جامعة الملك سعود، وجميل يونس حرب، جائزة العلوم الزراعية/ جامعة بيرزيت، وديما محمد الجمالي، جائزة العلوم الاقتصادية والمالية والإدارية/ الجامعة الأميركية/ بيروت، وإيهاب محمد عبيدات، جائزة الفيزياء والجيولوجيا/ جامعة الإمارات العربية المتحدة.

كما فاز بجائزة أدب الأطفال لدورة عام 2010 كل من الدكتور العيد السايح الطيب جلولي، أستاذ الأدب العربي بجامعة قاصدي مرباح بورقلة بالجزائز، جزائري الجنسية. والسيد فاضل عباس علي الكعبي، مستشار أدب وثقافة الطفل، كاتب متفرغ، عراقي الجنسية.