تبنى من الصغر، وإن كانت روافد بنائها في البداية اللعب مع الأقران والأتراب من الجيران وأبناء العمومة المخلصين الأكرام، وكل من لنا بهم صلة من الأقارب وذوي الأرحام، نكبر وتكبر معنا، وتجديدها يكون تلقائياً، وإن نأى بنا المكان وتسارعت عقارب الساعة لتزيد الرصيد من الأيام والشهور والأعوام؛ مما كتبه الله لنا من الأعمار.

إنها وثيقة العلاقات مع الآخرين التى تبنى على الثقة المتبادلة، والصداقات البريئة الجادة، الخالية من شوائب الغدر والخيانة والنفاق، والمقامة على حفظ الأسرار، والداعمة المساهمة في رفع المعنويات، والسعي الإيجابي في الانتشال من أي عارض طارئ نتج عن تعرضنا لشظايا نوائب الدهر، والسير في ليلة غير مقمرة فوق ألغام ظروف الحياة القاسية.

إن تقييمنا لتلك العلاقات، والحكم على نجاحها، أو الجزم بفشلها، قائم على أسس ومعايير ذاتية واجتماعية ودينية؛ من منصتها نحكم.. هل نجدد وثيقة العلاقات مع الآخرين، أم نوقف مشروع تجديدها؟!.

فمن تتبع عثراتك، وترصد زلاتك، وتجاهل دورك ومكانتك قاصداً، وسعى جاهداً في تشتيت مقومات ومحددات سعادتك، فلا تفكر في تجديد وثيقة علاقتك معه، فالتجديد في هذه الحالة غير مجدي؛ فلا تتعب نفسك، وتكلف نفسك فوق طاقتها.

يقول الشاعر:

" لقد أسمعت لو ناديت حيّاً

ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو نار نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في رماد".