كثيرا ما تضيع منا الساعات في أعمال حسبنا أنها ستفيدنا وتسعدنا على المدى البعيد، لكن نصدم بأنها لم تغير من مخططاتنا وأهدافنا اليومية، ونضيع في دائرة الوهم والأفكار حول ما يجعل يومنا أفضل إنتاجية.

في هذا المقال أبرزت أكثر النقاط التي غيرت مني شخصيا، ومن أناس كثر، بعد تطبيقها في حياتنا اليومية.

سأبدأ أولا بالامتنان.

الامتنان:

سمعنا كثيرا، في الآونة الأخيرة، عن الامتنان، أو ما يطلق عليه البعض «شكر النعمة»، يعني أن تستيقظ صباحا وتحمد الله على نعمه، وأن تحمد الله على أصغر النعم أيضا، النعم التي اعتدتها فنسيت شكرها، كما يقال «لما اعتادوا النعمة مات الشكر في قلوبهم»، وكما يقول تعالى «ولأن شكرتم لأزيدنكم».

قد تكون هذه المهمة من أسهل المهمات، فقط عليك أن تتفكر في النعمة، وأن تستشعر كل هذه النعم في يومك، وتشكر الله عليها، فمثلا أنت تقرأ هذا الكتاب وغيرك لا يستطيع القراءة، وتمسك الكتاب بيديك، وتلمس كوب قهوتك فتحس بحرارتها. هذه النعم البسيطة اعتدناها وتناسينا شكرها، ويجب علينا أن نسترجعها ونؤمن بوجودها.

ومن الأفضل أيضا أن تضع لك دفترا صغيرا تكتب فيه خمس نعم كل يوم، وتتأملها. ثانيا: العطاء كما يقول سومرست هوم: «ننشأ وفي اعتقادنا أن السعادة في الأخذ ثم نكتشف أنها في العطاء».

ساعد أحدهم، فرج كربة، اقضي دين أحدهم، ضع لك صدقة شهرية ولو بالقليل، اهدي أحدهم. كل تلك، إن التزمت بها ولو في مرة في الشهر، ستصنع لك فارقا كبيرا في حياتك. كم من الأيام مرت ونحن نستقبل ولا نعطي؟، لا أقصد هنا العطاء الكبير، إنما تلك العطايا الصغيرة التي استصغرناها حتى خبأتها الأيام.

اعط أحدهم نصيحة تتمنى لو أن أحدا أسداها لك في حالته. هذا العطاء من أهم العطاءات في الحياة.

ثالثا: راقب صحتك لا تهمل صحتك أبدا، تفقد جسدك قبل أن يتفقدك، تفقده بما يحتاجه، هل فعلا أعطيته حقه اليوم في تناول طبق الخضار أو أكل الفواكه؟.

تفقد جسدك.. هل أعطيته اليوم اهتماما بأن جعلته يتحرك أم كنت منشغلا على الهاتف طيلة اليوم؟.

تفقد صحتك النفسية، هل شعرت بالسعادة اليوم؟ وإذا لا، ما الذي يجعلني أفضل، أكثر سعادة؟.

كيف اجعل صحتي أفضل؟ اسأل نفسك دوما هذا السؤال، وفكر في إجابته.

ساعة من يومك في الرياضة تعني 4% من يومك. استشعر التفاصيل الصغيرة، تأمل ما حولك، الكنبة التي تجلس عليها، السرير الذي تنام عليه، عائلتك وهم حولك، أصدقاءك الكثر وهم متجمعون حولك، قهوتك التي بين يديك، تأمل تفاصيل الأشياء، تأمل قطرات قهوتك وهي تنزل ببطء، ثم تأمل ابتسامة والدتك البيضاء، واذهب إلى سريرك، وتأمل مدى الراحة التي تكتمل عليه.

رابعا: تعلم من الأطفال، كتاب «صغر عقلك» أظهر نموذجا رائعا يجعلنا نتعلم من الأطفال في كل تفاصيلهم.

جاء في أحد أسطر الكتاب: «‏أسئلتهم ساذجة، ولكنها تكون أفضل من أسئلة دكتور أو بروفيسور، كونها تقود للإبداع».

انظر كيف يتأملون في الأشياء، كيف يسألون أسئلة اعتدناها ولم نتأملها مسبقا، انظر إلى فرحتهم وقناعتهم بأصغر الأشياء، انظر كيف هي قلوبهم ملونة ببياض السحب، تعلم من أطفالك وكن عندهم الطالب وهم المعلمون.

سابقا، في فترة مرت عليّ، كنت اكره أصوات الأطفال، حتى همساتهم كانت ثقيلة جدا عليّ، وأعلم أن هذا شيء يلازمنا أحيانا، لكن واجهت الألم بأن أجلس في أماكن الصغار.

كي يذهب هذا الألم، اخرج للحدائق العامة وملاهي الألعاب وتأمل صرخاتهم. خطط لسنتك، لشهرك، ليومك، وما أعنيه هنا خطط لحظة بلحظة، أيامنا قصيرة فاستغلها، اجعل لكل لحظة عملت بها مخططا مسبقا، ضع لك خططا سنوية، كل خمس سنين، ثم اجعل هذا التخطيط للخمس سنوات، تقسم على سنة واحدة، ثم قسم كل شهر من هذه السنة، للعمل على أحد الأهداف، اجلب لك دفترا أو ما يسمى Planner Notes، وقبيل نومك خذ خمس دقائق من وقتك، واكتب ماذا ستفعل غدا، كأن تقول الساعة الخامسة سوف أقرأ كتابا، والساعة السابعة سوف أجلس مع أسرتي وهكذا، وقس بها أهدافك على المدى البعيد.

كتابة مخططاتك تعني الكثير في إنتاجك، ولكن انتبه وأنت تخطط لكل دقيقة في يومك، اعط نفسك مساحة، وإن اختل نظام اليوم لا تعاقب نفسك كثيرا.

هذه النقاط البسيطة، التي لا تأخذ من وقتنا الكثير، تصنع فارقا كبيرا في حياتنا، اجعلها نقاطا رئيسة في يومك، وسترى كيف تتغير للأفضل.