ربما كان علينا أن نشعر بأن شيئا غير عادي كان قادما، منذ اللحظة التي أسكن فيها التركي ديميرال الكرة في مرماه، مانحا إيطاليا الهدف الافتتاحي ليورو 2020. تلك كانت المرة الأولى التي تستهل نسخة من نسخ يورو منافساتها بهدف عكسي، ومن غير المرجح أن يتم تجاوز رقم هذه النسخة على صعيد أهداف «النيران الصديقة»، وبغض النظر عما وراء ذلك، فإن الجنون الذي عشناه في الأسابيع القليلة الماضية يبدو منطقيا إلى حد كبير ويلائم كرة القدم في زمن (Covid-19).

فيضان أوروبي

قبل يورو 2020 تم تسجيل 9 أهداف عكسية فقط في 15 نسخة سابقة، حضر أولها في نسخة 1976 في بلجراد، عندما سجل التشيكوسلوفاكي أوندروس في مرماه ضد هولندا، ثم انتظرنا 20 سنة أخرى قبل أن يفعل البلغاري بينيف الشيء نفسه ضد فرنسا، لكن ما بدأ على شكل قطرات، تحول إلى فيضان في أنحاء أوروبا، مع تسجيل 11 هدفا عكسيا في يورو 2020، وبغض النظر عن أن البطولة لم تضم سوى 8 فرق حتى عام 1992، فإن هذا أمر مبالغ فيه للغاية، ولكن ما الذي يمكننا أن نعزوه إليه؟ هل الطريقة التي تُلعب بها كرة القدم في الغالب هذه الأيام تجعلها في الأساس أكثر ملاءمة لتسجيل الأهداف العكسية؟ هل قادت طبيعة الضغط والحدة لموسم 2020 /21 المتأثر بالوباء إلى ذلك؟ أم أن هذه مجرد إحدى تلك الحالات الشاذة التي لا يمكن تفسيرها؟

أرض خصبة

مع تسجيل 9 أهداف عكسية في مونديال روسيا الأخير كان من المفترض أن يقدم ذلك مزيدا من التلميح حول تزايدها في السنوات الأخيرة، مع هذا، كأس العالم تتضمن 32 فريقا و64 مباراة، في المقابل تلعب في اليورو 51 مباراة فقط، وعندما نشاهد 11 هدفا عكسيا، فمن المنصف أن نتساءل ما الذي يحدث تحديدا؟.

هفوات متوقعة

التسديدات إجمالا باتت تؤخذ من مسافات أقرب، وليس من قبيل المصادفة أن متوسط مسافة التسديد في «البريميرليج» الإنجليزي انخفض بشكل حاد، فقبل 10 سنوات شهد معدل 12.6 تسديدة من خارج منطقة الجزاء، وفي الموسم الماضي كان الرقم 8.6 تسديدة، ويبدو من المنطقي أنه إذا كانت الفرق تسعى لوصول الكرة إلى داخل الصندوق أكثر، فستكون هناك أهداف عكسية أكثر، بالطبع، لا يمكن أن تُعزى بعض تلك الأهداف في يورو 2020 إلى ثورة بيانات كرة القدم وتطورها التكتيكي، فهناك أهداف طريفة، ومع رؤية عدد كبير من أخطاء اللاعبين، ربما كان علينا أن نتوقع هفوات أكثر من المعتاد في بطولة أعقبت الموسم الأكثر كثافة وضغطا على الإطلاق، ومن السذاجة استبعاد عامل الإعياء الذهني، وبنفس قدر البدني، إن لم يكن أكثر، مهما كان صغيرا.

تايلر هيبس

إذا قمنا بتحليل الأهداف العكسية في يورو 2020، نجد أن 4 منها «التركي ديميرال أمام إيطاليا، والألماني هوميلس أمام فرنسا والبرتغالي دياز ضد ألمانيا وأخيرا الدانمركي كايير أمام إنجلترا» نتجت عن تمريرة عرضية من الخط الجانبي للصندوق أو بالقرب منه، وهذا النوع من الكرات آخذ في الازدياد، وهو الذي قد يجبر المدافعين على اتخاذ قرارات في أجزاء من الثانية، تكون أحيانا مكلفة للغاية، والتردد يعد أرضا خصبة لتحويل الكرة داخل مرماك.

«إذا نظرنا إلى كيفية كل هدف، فقد جاء الكثير من مناطق خطرة على أرض الملعب، في موناكو على مدى الموسم الماضي، نظرنا في مكان وكيفية تسجيل الأهداف غالبا والمجالات الرئيسية (التسديد/العرضية) لتطبيقها، 5 من أهداف اليورو العكسية جاءت من مناطق (أسيست) متقدمة مع عرضيات تنفذ بوتيرة يصعب التعامل معها دفاعيا، عندما تدافع في مجموعات متراجعة وتضطر للتعامل مع مزيد من الضغط تكتيكيا، فهناك فرص أكبر للأخطاء والمواقف الصعبة، وأعتقد هذا ما شهدناه».

«رئيس التكنولوجيا الرياضية

في نادي موناكو»

مارك بورتون

«كانت هناك بعض الأهداف الغريبة، كما حدث مع حارس سلوفاكيا، لكننا نشهد المزيد من اللعب المعقد في الثلث الأخير، لم يعد الاعتماد على لعب الكرات عبر الأطراف فقط، بل والدخول بها في مناطق خطرة، أنظر إلى عرضية لوك شاو في هدف إنجلترا الثاني ضد أوكرنيا، إنه مررها من داخل الصندوق، إذا حدث ذل، فعندئذ كمدافع ليس لديك الوقت للتكيف، أحيانا تذهب الكرة بعيدا، وأحيانا أخرى تدخل.. أعتقد أن استخدام حراس المرمى أكثر كمدافع إضافي يمكن أن يكون عاملا أيضا».

«مدرب سابق في أكاديمية نادي بارنسلي»

إيرك ثورستفيدت

«لا بد أن يكون التعب عاملا في ذلك، عادة في أي بطولة ترى أن اللاعبين الذين لعبوا الكثير من كرة القدم على مدى الأشهر التسعة الماضية مرهقون أثناء خوضهم كأس العالم أو بطولة أوروبا، ولكن إذا نظرت إلى عدد المباريات التي خاضها هؤلاء اللاعبين هذا الموسم، فلا بد أن الإعياء سيكون عاملا كبيرا، وبصفتي حارس مرمى، فإن ما حدث للأسباني أوناي سيمون هو أسوأ كابوس لك كحارس مرمى، إنه شيء يبقى ملازما لك، مع الوضع في الاعتبار، أن الهدف سُجل بإسم زميله بيدري.»

«حارس توتنهام والنرويج السابق»

جورج ليكنز

«هناك الكثير من الضغوط في هذه البطولة، العديد من المدافعين يركزون فقط على الكرة، وليس على ما خلفهم، أو ما يجري حولهم، كانت هناك كثير من الأهداف العكسية الغبية، بيد أن الأمر يتعلق بالتوتر والضغط، وبرد الفعل تجاه وضع معين..لا أعلم، ربما لا يتحدث المدافعون إلى بعضهم البعض بما يكفي، ربما هذا أيضا متعلق بالتواصل، نرى كثيرا من المدافعين المتمرسين يخرجون الكرة من الدفاع، وهم مصممون على لعبها بطريقة صحيحة بحيث أنهم يفقدون بعض فنون الدفاع الأساسية».

«مدرب منتخب بلجيكا سابقا»

4 عوامل ساهمت في الأهداف العكسية في يورو 2020:

- تركيزالمدافعين على الكرة وليس على ما يجري حولهم.

- الإعياء الذهني والبدني بعد موسم مكثف ومضغوط.

- تنفيذ العرضيات بوتيرة يصعب التعامل معها دفاعيا.

- تفضيل وصول الكرة إلى الصندوق أكثر من خيار التسديد.