سلوك الإنسان الطبيعي هو أن يشعر بالخوف ويتحرك ضد أي تهديد يعرض حياته للخطر. عندما نستشعر أي خطر أو تهديد في بيئتنا المحيطة يحفز ذلك غريزة البقاء لدينا، ونندفع مباشرة للتصرف بسرعة دون تفكير، لأن الخوف يغير من سلوكنا أولا، وفي طريقة الحكم على بعض الأمور ثانيا.

منذ بدأت جائحة كورونا والإنسان يعيش هذا التهديد المستمر، وترتفع الحالات الحرجة فجأة، وفجأة تنخفض، وحالات الوفاة تتفاوت نسبها بين فترة وأخرى، والفيروس يتطور والخوف والقلق يزداد، رغم توفر اللقاحات التي تقلل من انتشار الفيروس، وكانت يجب أن تساهم في تقليل المخاوف، فظهرت ممانعة ورفض لهذه اللقاحات، وهذه تعتبر إشارة سلبية وغير مطمئنة عالميا. ظاهرة الرفض أو الممانعة كانت حاضرة وبقوة خلال مراحل الجائحة، لماذا هؤلاء الأشخاص يقودون هذه الممانعة وما هي أسبابهم ؟.

منذ إعلان أول خبر عن إمكانية وجود لقاح لفيروس كورونا، وبعد اعتماد تجربة بعض اللقاحات من قبل منظمة الصحة العالمية ظهرت الأصوات التي ترفض وتمانع، بل كان من ضمن هذه الأصوات شخصيات علمية وطبية، مما عزز فكرة الرفض. بدأت الدراسات البحثية لدراسة قبول المجتمعات لأخذ اللقاح، والبحث عن الأسباب التي قد تجعلهم يرفضون اللقاح.

معظم الدراسات التي اطلعت عليها في هذا الجانب، كانت ترجح ثلاثة عوامل تزيد من الممانعة والرفض ضد اللقاح، أولها عدم الثقة بأي مصدر أو خبر حول فيروس كورونا، بسبب كثرة الأخبار حول الفيروس، وتضارب الآراء العلمية، وآراء المنظمات الصحية.

ثانيا كثرة اللقاحات التي تم الإعلان عنها، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي مصدرهم الرئيسي حول اللقاح.

ثالثا فاعلية اللقاح أو عدم حصولهم على اللقاح الذي يفضلونه.

هذه العوامل كانت تزيد من الممانعة والرفض لدى المجتمعات، ورفض اللقاحات ضد فيروس كورونا، اعتبره وباء معلوماتيا نعيشه الآن، وكل ما نراه من مظاهرات في عدة دول ضد اللقاح، أو فكرة إلزامية اللقاح، هو نتيجة لشحن معلوماتي مليء بالشائعات حول كورونا واللقاحات، إضافة لذلك عدم وجود جهة صحية عالمية تستطيع أن تثق بها، حينها سيظهر سلوك الإنسان البدائي لأنه يشعر بالخوف في هذه اللحظة.

باختصار اللقاحات دائما هي الأمل على مر تاريخ البشرية، لأنها استطاعت أن تقضي على أمراض خطيرة كشلل الأطفال والجدري والتهاب الكبد الوبائي وغيره، لنتخيل فقط أننا لم نحصل على هذه اللقاحات السابقة كيف ستكون حياتنا الآن؟!.

يصعب جدا التنبؤ بالعقل الجمعي وردة فعله، ولكن تستطيع التعامل معه بالوعي ثم الوعي ثم الوعي.