تحولت السيارات القديمة، وعلى الأخص تلك التي يمكن فتح غطاء محركها بسهولة، إلى هدف لسارقين امتهنوا سرقة بطاريات السيارات، وهي السرقات التي ازدادت بشكل ملحوظ تكشفه كثرة البلاغات التي تتلقاها أقسام الشرطة، والتي تؤكد تعرض كثيرين لفتح أغطية محركات سياراتهم وفك بطارياتها.

ويتولى السارقون بيع البطاريات المفكوكة من السيارات، وهي من المسروقات التي يصعب تتبعها إلى محلات بيع البطاريات بمبالغ تتراوح بين الـ50 والـ70 ريالا، حيث تتولى هذه المحلات إعادة شحنها، وبيعها كبطاريات مستعملة يزداد الإقبال عليها كثيرًا في الآونة الحالية، خصوصًا مع الفارق بين سعر البطارية المستعملة، وتلك الجديدة.

وعلى الرغم من شدة العقوبة التي تطال سارق البطارية، حيث أكدت النيابة العامة أن جرائم سرقة السيارات تعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، مشددة على أن العقوبة تطال كذلك سرقة أي جزء من السيارة.

تباين الأسعار

تختلف أسعار البطاريات السائلة عن تلك الجافة، ويلعب نوع البطارية وسعتها دورًا مؤثرًا في تحديد أسعارها، كما يلعب عمرها التشغيلي وضمانها بدوره كذلك دورًا مهمًا في تحديد أسعارها، فهناك بطاريات ذات سعات 40 و55 و60 و70 و80 أمبير، وهناك أنواع تتراوح بين الأسماء التجارية العالمية التي تباع بسعر 340 ريالًا، فيما يصل بعضها إلى نحو 900 ريال مع ضمان يصل إلى نحو 10 سنوات.

في المقابل تتراوح أسعار البطاريات المستعملة بين 100 و 300 ريال تقريبًا حسب نوعها، ورغبة الشاري.

ويقول علي أحمد، وهو أحد البائعين في محل للبطاريات «تختلف البطاريات من شركة إلى أخرى، وتتباين أسعارها، فهناك الغالية وهناك الأقل ثمنًا وفقًا للجودة».

وتعد البطاريات من أهم قطع السيارة، حيث توفر شرارة تشغيل المحرك، والأنوار وبقية الأشياء الكهربائية في السيارة، ويشير علي أحمد «هناك بطاريات مرتفعة السعر تصل إلى 900 ريال وهي تدوم إلى 10 سنوات، دون أن ننسى أن هناك بطاريات تبلغ أسعارها نحو 150 ريالا حسب سعة الأمبير في السيارات الصغيرة خاصة في محلات الجملة».

الربط بالسلك

يكشف عبدالرحمن، وهو يعمل سائقًا لتوصيل الطلبات الخاصة أنه تعرض لسرقة بطارية سيارته، ويقول «سيارتي قديمة جدًا، وكنت أربط غطاء المحرك بسلك أو حبل، لكن سارقًا تولى فتح الغطاء واستولى على البطارية».

ويضيف «تعرضت عدة سيارات في المنطقة ـ جدة ـ لسرقات مماثلة، نتيجة سهولة فتح أغطية المحركات، إذ يستسهل السارقون الاستيلاء على السيارات القديمة لصعوبة فتح أغطية محركات السيارات الجديدة».

ويكمل «عادة ما تتركز سرقة البطاريات في الأحياء الشعبية أو الحواري حيث تكون هناك أماكن معتمة ومخفية عن الأنظار، خاصة إن كان غطاء مكينة السيارة غير محكم الإغلاق، وكثيرًا ما نستخدم نحن أصحاب السيارات القديمة وسائل بسيطة لتثبيت أغطية المحركات مثل الحبال أو الأسلاك، ويقوم السارق ببيع البطارية بعد أن يسرقها بنحو 50 إلى 70 ريالا لبعض محلات البطاريات».

ويقول سعيد وهو مالك سيارة قديمة أيضًا «بعد أن انتشرت سرقات البطاريات من السيارات القديمة، صرت أركن سيارتي في مكان آمن، كما أقوم بتغطية السلك الرابط للغطاء بقماش».

سرقة ونصب

كثيرًا ما يترك أصحاب السيارات بطارياتهم القديمة للمحل الذي يتولى تغييرها، حيث تقوم بعض المحلات بتقدير قيمتها بين 20 و30 ريالًا، وتخصمها من سعر البطارية الجديدة، فيما تسكت محلات أخرى عن مناقشة وضع البطارية القديمة التي يتم استبدالها بجديدة، بل ويعمد بعضها إلى ما يشبه استغلال جهل الزبائن، حيث توضح أحلام أنها اضطرت للذهاب إلى أحد محلات بيع البطاريات، بعدما فشلت في مرات عدة بتشغيل سيارتها واضطرت في كل مرة للاستعانة بإحدى السيارات العابرة لشحن بطارية سيارتها بما يكفي لإدارة المحرك، وتقول «ذهبت إلى محل بيع بطاريات لشراء وتركيب بطارية جديدة، لكنه استغل عدم معرفتي، وطلب مني 500 ريال لبطارية لا يزيد سعرها في السوق عن 300 ريال، ولم ينبهني إلى أنني يمكن أن آخذ بطاريتي القديمة أو أنه يمكن أن يشتريها، حيث تركتها لديه وغادرت، لكنني بعد فترة فهمت أنه كان بإمكاني بيعه البطارية القديمة التي يقوم عادة بشحنها وبيعها مستعملة».

بيع وشراء

يبين أحد الباعة في محل لبيع البطاريات «هناك من يأتي إلينا لبيع بطارية سيارة حاملا إياها في يده، ويريد مقابلها مبلغًا حوالي 50 ريالا، فأشتريها منه بمبلغ 50 ريالا وأقوم بتعبئتها إذا كانت جيدة ولا بأس بها وأعيد بيعها مستعملة لأن هناك طلبًا على البطاريات المستعملة، أحصل من ذلك على نحو 150 ريالا للبطارية ذات الجودة العالية أي بكسب يقدر بنحو 100 ريال، وهناك بطاريات يمكنها أن تعمل مع المشتري مدة 6 أشهر على الرغم من كونها مستعملة».

القابلة للشحن

يزداد الاهتمام كثيرًا، وعلى المستوى العالمي، بالبطاريات القابلة لإعادة الشحن، وذلك ضمن جهود عالمية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث يتم العمل على الحد من الآثار البيئية السلبية من خلال زيادة الاستثمار في التقنيات المستخدمة لإعادة تدوير البطاريات المستهلكة القابلة للشحن والتي تلعب دورًا مهمًا في التحول العالمي إلى نظام للطاقة منخفض الكربون.

وقدرت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (أونكتاد) حجم السوق العالمية لبطاريات الليثيوم أيون، وهي أكثر بطاريات السيارات القابلة لإعادة الشحن بنحو 7 مليارات دولار في 2018، لكنها تتوقع أن تصل قيمة السوق إلى 58.8 مليار دولار بحلول 2024.

وبالتالي فإن الاهتمام بالبطاريات وإعادة تدويرها سيبقى مستمرًا سنوات للأمام، وبالتالي فإن كثيرًا من الحلول لتجنب السرقة تكمن أولا في تجنب تسهيلها عبر ضبط وإحكام إغلاق أغطية المحركات التي تعيق الوصول السهل للبطاريات.

سرقة البطارية جريمة موجبة للتوقيف

أكدت النيابة العامة أن جريمة سرقة السيارات من الجرائم الكبيرة، الموجبة للتوقيف، كما أضافت عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن حق ملكية السيارات مُصان شرعًا ونظامًا، وأُسْبِغت لجانبه الحماية الجنائية، وتمتد هذه الحماية للسيارة وكل جزء منها وما هو بداخلها، والإخلال بذلك مُوجب للمُساءلة الجزائية، وتُعد هذه الأفعال من الأنماط الإجرامية الكبيرة المُوجبة للتوقيف.