تبعا لذلك فإن أي متغير فيه ينعكس بالسلب أو الإيجاب على الوضع الإقليمي، وأي تحولات مهمة في الإقليم هي الأخرى تنعكس تمامًا على الوضع العراقي، لذلك من الضروري ربط الاستقرار فيه، بما تضعه الدولة من آليات قانونية تضبط حركة المجتمع، وتجعله يسير وفق عقد سياسي واجتماعي فيما بينه وبين الأفراد، وبما يحقق الاستقرار والسلم المجتمي في البلاد.
بعد انتهاء الحرب على داعش، برزت على المشهد السياسي قوى اختبأت خلف فوهة البندقية، وعمد البعض منهم محاولا فرضه على الواقع السياسي، من خلال التلويح به عند أي موقف، ما عدته الدولة تحديًا لها ولسلطتها الدستورية..
وسعت تلك القوى لفرز نفسها كأنها صاحبة «القدح المعلى» في السلطة ولا يمكن لأي قوة أخرى، أن تهيمن أو تفرض سلطتها عليها، فبدأت القوى التي لغتها السلاح تسعى لفرض قوتها على الدولة، من خلال التلويح باستخدام السلاح، في أي موقف حتى لو كان من مهام الدولة، كالسيادة وإخراج القوات الأجنبية من البلاد.
أمام قوى الدولة فرصة كبيرة ومهمة في إثبات، صدق نيتها من جانب وقدرتها من جانب آخر، والنية هنا تعكس مواقفها من القضايا المصيرية التي تمس الدولة والسيادة، إضافة إلى دورها في القضايا ذات البعد السياسي داخليًا، وموقفها من دعم الدولة فعليًا بعيدًا عن الشعارات والخطابات، والواقع هو من يحكم الموقف لا الخطاب والتلويح. كما يجب أن يكون لقوى الدولة، موقف رسمي، من أي اعتداء أو سرقة لهيبة الدولة، ويكون ذلك بشكل واضح لا يقبل التأويل.
لذلك على قوى الدولة أن تعلن موقفها، من أي خرق للسيادة سواءً من حملة السلاح، أو ممن يقفون بالضد من مواقف مؤسسات الدولة وإجراءاتها في تطبيق القانون والدستور.
على الرغم مما يقال عن وجود تفاهمات على الأرض، بين الدولة وبين القوى التي تحسب على حملة السلاح، إلا أنها تبدو غير ناضجة لدرجة، أن تكون خارطة طريق لهيمنة الدولة على البلاد، ومنع قيادتها تحت حكم القوة.
الصراع قائم لا محالة بين هاتين الدائرتين، وذلك لكون المجاميع المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة والقانون، لها رؤية تتناقض تمامًا مع القوى المساندة للحكومة أو التي تدعو إلى الدولة، فهي تربط مستقبل العراق ومصالحه العليا، بأسلوب يعتمد القوة أكثر من استخدام الدبلوماسية في حل المشكلات.
نعم هناك تحديات جسيمة أمام قوى الدولة، ومصاعب جلية ولكن الفرصة ما زالت كبيرة ومهمة، لفرض قوى الدولة لقوتها ونفوذها، على الواقع السياسي العراقي، وتمكين سلطتها على المشهد الحكومي القادم، وبما يحقق الاستقرار المنشود، بعيدًا عن لغة القوة والتلويح بالسلاح الذي أفقدنا الكثير من المميزات والفرص، في التأثير الداخلي أو الإقليمي والدولي.