تشير التقديرات العالمية المنشورة من منظمة الصحة العالمية (المنظمة) إلى أن واحدة من كل 3 نساء (33%) في أنحاء العالم كافة تتعرض في حياتها للعنف البدني و/أو العنف الجنسي على يد الرجال، وتزيد النسبة في المجتمعات غير المتعلمة التي تنتشر فيها المخدرات والكحول بنسبة كبيرة. وأيضا يلاحظ ازدياد نسبة العنف الأسري في غياب قوانين المساواة، والمجتمعات التي تميز الذكور، وتبرر وجود قضايا الشرف وغيرها.

وعلى الرغم من إيماني بأن مشكلات المرأة السعودية مع الإخوان «المستبدين» قد تكون نسبتها أكثر من مشكلاتها مع الأزواج الظلمة، تهرع الكثير من البنات للبحث عن عريس «الغفلة» بعيدا عن نار الاستبداد الأخوي. وقد ظهر على السطح أخيرا قصة حزينة عن مقتل إحدى الفتيات في عمر الزهور على يد عريسها الظالم، بعد عدة أيام من زواجهما بطريقة بشعة تقشعر منها الأبدان، وحظيت بتعاطف كبير، وطلبات متفرقة لإدراج الفحص النفسي وفحوص المخدرات كمتطلبات أساسية قبل الزواج. ومع تعاطفي الكبير مع القضية والضحية (رحمها الله)، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إدراج الفحص النفسي وفحوص المخدرات قبل الزواج، لعدة أسباب، منها:

1. إن فحوص وتقييم الطب النفسي تقوم على طلب المريض للعلاج، وتجاوبه معه، وفتح أغواره وأسراره، وهذه لن يحصل مع شخص يريد الزواج والنجاح في هذا الاختبار.

2. إن جزءا كبيرا من تقييم الطب النفسي يقوم على مساعدة العائلة في إعطاء نظرة عامة عن تصرفات الشخص غير الطبيعي، وهذا غالبا لن يحدث في فحوص قبل الزواج.

3. إن فحوص الطب النفسي لا تعتمد على أجهزة معينة مثل فحوص الوراثة وغيرها، بل تعتمد بشكل كبير على لقاء المريض.

4. عدم توافر المتخصصين في الطب النفسي بكثير من المدن الطرفية والقرى.

5. إن فحص المخدرات يقيس نسبة بقاء المخدرات بالبول أو الدم خلال فترة معينة، فإذا أقلع المتعاطي مؤقتا عن المواد المخدرة، فلن يوجد لها هناك أي أثر، خاصة أن الاختبارات لا تكون مفاجئة (كما يعمل في الجوانب العسكرية والأمنية).

والحقيقة المرة هي محاولة بعض الأسر إصلاح أبنائهم على حساب الآخرين بمقولة «زوجوه يعقل»، بطريقة بعيدة عن الإنسانية والدين ومبادئ الأخلاق، فما لا ترضاه على «بناتك» كيف ترضاه على «بنات المسلمين»؟!. قد نرى أن التوكل على رب العباد، ومن ثم لعب دور المحقق «كونان»، والتمحيص والتدقيق، والسؤال عن الأشخاص قبل الزواج، خاصة في بيئة عملهم وعلاقاتهم الاجتماعية، هو «الفحص» الأمثل والأصدق والأضمن دون التورط في «نسب» مع فاسقٍ غير ظاهر من فئة «الفئران»، حيث قال الطيبون ذات يوم: «ما في الفيران فأر طاهر».