وجه الناقد المصري الدكتور صلاح فضل خلال مشاركته أمس في ندوة "من تجارب الكتاب" ضمن فعاليات مهرجان سوق عكاظ عتابا للجنة المنظمة للمهرجان حول ما اعتبره إغفال المهرجان للنقد في عكاظ الثقافي والاكتفاء بجوائز للشعر، مع أن ما يميز مستوى الشعر ويحكم آياته هو النقد، بحسب فضل الذي كان يتحدث عن تجربته النقدية مع الشعر، في ندوة بعنوان ( تجربتي مع الكتابة) شارك فيها الروائي الأردني سليمان القوابعة وأدارها الدكتور سهيل قاضي وغاب عنها الروائي عبده خال الذي تعرض لعارض صحي أمس أدخل على إثره مستشفى الملك خالد للحرس الوطني بجدة.

وقال صلاح فضل :إن نقد الشعر يحتاج إلى تأمل، لأنه يبدأ مع الإنسان وإن وظيفة الشعر تكمن في تربية الوجدان الإنساني وتنمية العواطف، وصناعة الوعي والذات والآخر، إضافة إلى الاتصال بالكون والحياة والطبيعة وبالثقافة وخلاياها الحية وبالموسيقى، وحفز الخيال، الأمر الذي يتمم في الإنسان إنسانيته ويشكل قدراته اللغوية والتعبيرية وحتى ذكاءه.

وأضاف أنه في الستينات كانت لغة النقد غارقة في الأيدولوجيا، حيث كانت المذهبية مسيطرة على نقد الشعر، فهذا رومانسي وذاك واقعي والرابع حر والآخر تقليدي، ذاهبا إلى أنه كان مسكونا بسؤال المنهج لفترة طويلة.

كما تطرق إلى تجربته مع انطلاق مجلة فصول عام 1980 حين كان الشاعر المصري أمل دنقل يملأ الأسماع بالدرجة التي حرم فيها ذكر اسمه في الإعلام المصري بسبب أنه شاعر الرفض الأول، مشيرا إلى أنه قرر كي يمارس حريته في اختراق الممنوع في مجلة فصول التي تصدر عن هيئة الكتاب الرسمية في مصدر أن يكتب عن أمل دنقل صاحب القصيدة الشهيرة "لا تصالح"، والتي لم يعلق عليها مضمونيا كي لا يقع في المحذور إلا أنه تناوله بنيويا.

واعتبر فضل أهم مرحلة لتجربته النقدية في قراءة الشعر تلك التي مزج فيها فكرة الأسلوب في نظرية الشعرية، قائلا: عندما نمسك بعدد من كتب التجارب النقدية التي تناولت الشعر نجدها صنفت الشعراء أما طبقا للبلاد أو لبعض السمات المعروفة لديهم أو طبقا لشكل القصيدة ، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك تصنيف منهجي يضم سلالات الشعراء واتجاهاتهم، وهو ما دفعه لطرح نظريته في الشعرية التي أجاب فيها عن سؤال: ما هو الشعر؟ ليصل إلى أنه يتكون من عدة بنى متداخلة هي بنية الإيقاع، والكثافة والتشتت، إلى أن انتقل إلى منهج تحليل النصوص في تحليل تحولات الشعرية العربية.

وقلب الروائي الأردني سليمان القوابعة ذكرياته منطلقا من قريته "الطفيلة" جنوب الأردن حيث كانت طفولته التي استقرت بين أهل مضارب ترى ما يجري في فلسطين، وأشار إلى أنه كتب أولى رواياته بعنوان "جرح على الرمال" وكتب بعدها عام 1976 حين تيسرت له رحلة إلى المغرب كمدرس في أغادير روايته الثانية والتي كانت بعنوان "شجرة الأرقان" منوها بأن تجربة المغرب زودته بمادة كتب خلالها رواية "الرأس على ثرى طوقان". وعن الجزائر قال القوابعة إنه حين استمع لما جرى في وهران وعدد من مناطق الجزائر في عام 2007 كتب روايته "حلم المسافات البعيدة" ذاكرا أنه مارس فيها تقنية الرسائل الرافدة للحدث، و في عام 2009 أصدر روايته "سفربرلك" والتي سرد خلالها معاناة شعوب المشرق. وكانت ساحة رواية سفربرلك تمتد من تركيا إلا أن مركزيتها كانت أجواء المدينة المنورة وحواريها ، ثم تبوك وغيرها . ورد الناقد محمد العباس على قضية المنهج التي طرحها الدكتور صلاح فضل بأنه اتكأ بشكل كبير على المنهجية الغربية وضرورة وجود حالة تطبيقية لهذه المناهج، ما يعني ترجمة عربية للمناهج الغربية أو على النص الشعري العربي، مؤكدا أن تجربة فضل المنقولة توقفت عند مجادلة الفضاء الشعري العربي منذ العصر القديم إلى العصر الحديث، ولكنه-والحديث للعباس- لم يقارب مستحدثات المدرسة الشعرية الغربية التي تجلت على سبيل المثال في ما أحدثه والت وايتمان والذي وسع مساحة الجمال لتتسع للخراب والقبيح والمشوه والتي أحدثت بدورها نوعا من الإرباك للمناهج الغربية في مقاربتها للحالة الشعرية.


القوابعة: استسهال كتابة الرواية مشكلة تعم الوطن العربي

وصف الروائي الأردني سليمان القوابعة طرح الروائيات السعوديات بـ"المتسرع" وأن لديهن توسعا في الكتابة الروائية لا مبرر له إلا محاولة التنفيس والكتابة في قصة يسميهن رواية، وبعكس ذلك لدى الشاعرات السعوديات شعر يتجه للنضج. وأرجع القوابعة ذلك إلى أن بعضهن ربما استسهلت العمل الروائي، واعتبرته أنه بمثابة حكاية لتقول ما شاءت من دواخلها.

وقال القوابعة لـ"الوطن" إن مشكلة استسهال كتابة الرواية تعم الوطن العربي برمته، ولا تخص قطرا من الأقطار حيث إنك تجد حالة الاندفاع واضحة لكتابة الرواية خصوصا لدى الشباب في حين ينبغي التروي قبل تقديم أي عمل وعلى الشباب أن يستمعوا لمن هم أنضج منهم في هذا المجال. وتابع القوابعة أنه كان في ذاكرته أن السعودية بلد البدايات في الإبداع الثقافي إلا أنه تفاجأ خلال زيارته لمهرجان سوق عكاظ بأن هناك من قطع شوطا كبيرا في الأدب مشيرا إلى أهمية مثل هذا التمازج والتلاقح مع الأدباء والمثقفين السعوديين.

ويحسب لعكاظ والمشهد الثقافي في السعودية أنه يحاول أن يعيد أمجاد هذه الأمة وتراثها الثقافي والأدبي الزاخر خصوصا في ظل تناسينا لتراثنا مشيرا إلى أنه وجد في الطائف ألوانا شعبية رائعة مثل لون "المجرور"، مؤكدا أنه حين استمع إليه وصل إلى حد الانتشاء والدهشة.