تعد العربية رابع لغة عالمية، بعد الإنجليزية والصينية والهندية انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من ٤٦٧ مليون نسمة، وتتميز بقوتها وغزارة مفرداتها وفصاحة منطقها.

تعد اللغة العربية أحد أقدم اللغات بالعالم، ولديها من الإرث الحضاري والمعرفي الكثير، ويكفيها زهوًا أنها لغة القرآن الكريم، ورغم انتشار اللغة العربية وتاريخها الكبير فإنها في طريق صعب وشائك، بعد انتشار اللهجات المحلية وعزوف أبنائها عن التعلم بها.

مما لا شك فيه أن من هم علامات تطور وحضارة الشعوب هو الاهتمام بلغتهم الأم، ولكي لا نكون منظرين فلنرى مثلا الصينيين واليابانيين والروس والهنود والفرنسيين والألمان وحتى الإسرائيليين فرغم التطور المذهل للدول السابقة وبراعتها بالعلوم النظرية والتطبيقية إلا أنها ما زالت تستخدم لغتها الأم كلغة رئيسية بالتعليم والتطبيق، ولم يسرقهم جمال اللغة الإنجليزية ويفقدهم هويتهم الحقيقية، بل وتجد الكثير من الشعوب المذكورة ما زال يتمسك بالحديث بلغته الأساسية دون الاكتراث بسباق العولمة والغزو الفكري الغربي.

ومن الملاحظ هو نهم العرب على تعليم أبنائهم لغة (الأعاجم) قبل العربية بل ونلاحظ الكثير من (العرب) الذين يتحدثون جهارًا نهارًا مع أبنائهم باللغة (الأعجمية) من باب (الفشخرة) أو من باب تطوير مهارات الأبناء، وقد لا نلوم الأهالي في الحرص على مستقبل أبنائهم حيث أن العالم أصبح قرية صغيرة ويجب تعلم اللغات الأخرى، ولكن بنفس الوقت يجب الموازنة وأن لا تكون تلك اللغة على حساب هوية وثقافة المجتمع، ويجب التركيز بالسنوات الأولى من العمر على إتقان اللغة العربية كتابة ولفظًا، ومن ثم تعلم اللغات الأخرى، وهنا نرى دور وزارات التعليم والمؤسسات التربوية.

وقد يكون أكثر ما يهدد اللغة العربية حاليًا هو:

1. استخدام اللغة العامية في التخاطب المجتمعي بل وبالمدارس أيضًا

2. الاستخدام العالي للغة العامية بالمسلسلات والبرامج الحوارية.

3. الكتابة واستخدام مصطلحات دخيلة أو ما يدعى بـ(الفرانكو اراب).

4- الحرص على تعليم الأطفال لغات الأعاجم قبل العربية.

5- العولمة والغزو الفكري العالمي ومحاولة تقليد الغرب بكل شيء.

وللعلم (لمن يستصعب كل أمر) فقد سبقنا اليهود في إحياء اللغة العبرية (التي كانت شبه مندثرة) بالقرن الـ١٨ حيث كان اليهود شتاتًا يتحدثون لهجات مختلفة بين الدول حتى أطلق إليعازر بن يهوذا شِعارًا مهمًّا وهو «لا حياة لأمَّة بدون لغة» وقد نجحت خطته على مدار 4 عقود من الزمان في حياء اللغة العبرية وهناك أيضًا تجربة فرنسية ناجحة لإنعاش اللغة وزيادة المتحدثين بها على مستوى العالم قامت لتطبيقها بالقرن العشرين.

ومن المحزن حضور اجتماعات وندوات عملية لعرب (أقحاح) ويطغى الحديث باللغة (الانجليزية) كنوع من (البرستيج) المضروب أو جهلاً بالمصطلحات العربية والأدهى والأمر من ذلك هو الذي يخلط العربية بالإنجليزية طوال يومه كأنه يخلط الفول مع (العدس) ويتحدث تارة بالعربية المكسرة وتارة بالإنجليزية وكأن (سره) مقطوع بـ(لوس أنجلوس) وليس في شعيب أم الأكارب (العقارب).