وقال على هامش مشاركته في منتدى دافوس المصغر الذي تنظمه مجموعة «امبروسيتي فوروم» الاستشارية على ضفاف بحيرة كومو، «نرغب في بذل الجهود من أجل +أوروبا+ تحتل مكانتها كقوة عظمى قي العالم إلى جانب الولايات المتحدة والصين» و«تدافع عن مجموعة من القيم».
وأوضح لومير أنّ من بين تلك القيم «التضامن بين الأمم» وإرساء «نموذج للتنمية الاقتصادية يحترم البيئة».
سيادة تكنولوجية
تتولى فرنسا الرئاسة الدورية للمجلس الأوروبي في يناير. وتابع لومير «لا وجود لسيادة سياسية من دون سيادة على الصعيد التكنولوجي. لا نقدر على التمتع سياسيًا بالسيادة فيما نعتمد على الآخرين من أجل أشباه الموصلات والبطاريات الكهربائية أو الفضاء».
وأشار إلى «وجوب أن نشيّد هذا الاستقلال الأوروبي من خلال نقل انتاجات صناعية وإقامة سلاسل قيم جديدة في قطاعات مثل الهيدروجين والذكاء الاصطناعي والبطاريات الكهربائية والتكنولوجيا الحيوية أو الصحة».
ولفت إلى أنّ تمويل تلك الاستثمارات «يتطلب اتحاد أسواق المال واتحادًا مصرفيا»، مضيفًا «نأمل في إحراز تقدم في هذه الموضوعات حيث المخاطر المالية كبيرة للغاية».
حد أدنى للضرائب
أعلن لومير أن فرنسا تسعى أيضًا إلى «التوصل لإجماع أوروبي في ظل رئاستها (للمجلس) بشأن الحد الأدنى للضرائب» على الشركات المتعددة الجنسية. وتبدي ايرلندا والمجر واستونيا ترددًا في الانضمام إلى اتفاق جرى التوصل إليه في يوليو من قبل دول مجموعة العشرين وينص على فرض ضريبة عالمية لا تقل عن 15 % على أرباح الشركات المتعددة الجنسية واعتماد توزيع أفضل للعائدات الضريبية المتأتية منها.
قال برونو لومير «لست قلقًا بشأن قدرتنا على إيجاد توافق بين الأوروبين حول الضريبة العالمية (...) لدينا اتفاق في مجموعتي الـ7 والـ20 وفي منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي»، مضيفًا أنّ «النقاش السياسي تغيّر بصورة عميقة».
وتابع «أجرينا نقاشات بنّاءة مع الايرلنديين» على هامش زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون لدبلن في نهاية أغسطس. ولفت إلى انّ ثمة «نقاشات وعمل يتوجب إنجازهما ولكنّي واثق بقدرة الدول الأعضاء الـ27 على التوصل الى اتفاق».
ومنذ عام 2003 تتبنى أيرلندا ضريبة بنسبة 12.5%، هي الأضعف بين النسب المعتمدة في بقية الدول الأوروبية، ما أتاح اتخاذها مقرًّا أوروبيًّا لعمالقة قطاع التكنولوجيات على غرار آبل وجوجل.
ومنذ اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في البندقية حيث دعوا الدول الرافضة إلى الالتحاق بالاتفاق، انضمت دولتان أخريان هما توجو وبربادوس ليرتفع إجمالي الموقعين إلى 134 حسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يستمر التفاوض إلى أكتوبر حول التفاصيل التقنية لهذا التوجه الجديد في إطار منظمة التعاون، وأن يستبق القمة المقبلة لوزراء مالية مجموعة العشرين في واشنطن بهدف الانتقال إلى مرحلة التنفيذ بدءًا من عام 2023.
رغبة أوروبية
تفتقر أوروبا إلى قطاع تكنولوجي قوي خاص بها، وهي تحاول حماية حقوق الخصوصية ومشاركة البيانات من خلال الاستفادة من سوقها الموحد الهائل ضد عمالقة مثل «جوجل» (Google) وموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» (Facebook).
في تقرير لصحيفة نيويرك تايمز (New York Times) يوضح الكاتبان ستفين ايرلينجر وآدم ستاريانو، أ، الوتيرة السريعة للتغير التكنولوجي -بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعرف على الوجه- تختلط أكثر من أي وقت مضى بمخاوف الأمن القومي التي كان القادة الأوروبيون بطيئون في استيعابها والاستجابة لها.
وبينما تقود الصين والولايات المتحدة ساحة المعركة في حرب التكنولوجيا العالمية، تجد أوروبا صعوبة كبيرة في تلمس طريقها في هذا المجال.
السيادة الرقمية
شرع القادة الأوروبيون مؤخرًا في مشروع يسمى «السيادة الرقمية»، حيث يجمعون فيه بين القواعد والقوانين الأكثر صرامة ضد شركات التكنولوجيا الأجنبية مع مضاعفة الجهود المبذولة لتعزيز الابتكار المحلي.
يقول المحللون إن هذه السياسات ستستغرق سنوات لتغيير التوازن بشكل مفيد لصالح أوروبا، ويتساءل كثيرون عما إذا كانت كافية حقا لسد الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة والصين.
وتريد أوروبا تنظيم الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات، لكنها بطيئة ولا يوجد جدول زمني حقيقي، مع الخشية من مخاطرتها بأن تكون تحت ضغط بين نموذج الدولة الصينية -الذي تمثله هواوي، وويتشات، وعلي بابا، وتينسنت، وتيك توك مع دعمها الحكومي- وشركات المراقبة التقنية الكبرى للعمالقة الأمريكيين.
تفوق مادي
تبلغ قيمة أسهم التكنولوجيا الأمريكية وحدها أكثر من سوق الأسهم الأوروبية بأكملها، وقد سقطت أوروبا من قائمة شركات التكنولوجيا الأكثر نفوذًا في العالم منذ سقوط نوكيا (الأوروبية).
ونقاط الضعف الأوروبية في مجال التقنية صارخة، حيث يتم تصنيع الهواتف الذكية الأكثر شهرة في العالم في الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، كما تأتي أكبر مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومنصات التسوق عبر الإنترنت من الشركات الأمريكية والصينية، وكذلك أكبر مزودي خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
وسقطت أوروبا من قائمة شركات التكنولوجيا الأكثر نفوذًا في العالم منذ سقوط نوكيا قبل حوالي عقد من الزمن، لأسباب منها نقص رأس المال الاستثماري، والحواجز اللغوية، والنفور الثقافي من المخاطرة، كما كافحت الشركات الأوروبية لمواكبة وتيرة ريادة الأعمال في صناعة التكنولوجيا التي تهيمن عليها الآن الأجهزة المحمولة وخدمات الإنترنت وأدوات الاتصال عبر الإنترنت.
ندرة مؤثرة
يعود افتقار أوروبا إلى النفوذ إلى ندرة الشركات التكنولوجية المؤثرة، وستواجه أوروبا هذه المعضلة لسنوات بينما تكافح الصين والولايات المتحدة من أجل التفوق التكنولوجي، ومعى ذلك ما زالت خطط أوروبا بشأن «السيادة الرقمية» غامضة.