الارتفاق لغةً: الاتكاء على مرفق اليد. والانتفاع. والاستعانة. ومرافق الدار: مصابُّ الماء ونحوها. وحق الارتفاق Servitude أو Easment في الاصطلاح الشرعي والقانوني منفعة مقررة لعقار مملوك لشخص، على عقار آخر مملوك لغير الأول. كالشرب، والمسيل، والمرور، وغير ذلك.

اختلفت الآراء في تعداد حقوق الارتفاق، بين مضيّق وموسّع في الشريعة أو القوانين الوضعية. فذهب الحنفية إلى أنه ستة فقط هي:

الشرب: وهو النصيب المستحق من ماء الأنهار والسواقي العامة، لسقي الأرض والزرع.

الطريق: وهو حق صاحب عقار داخلي بالوصول إلى عقاره من طريق يمرّ عبر عقار مملوك للغير.

المجرى: وهو حق صاحب الأرض البعيدة عن مجرى الماء في إجرائه عبر ملك جاره إلى أرضه ليسقيها.

المسيل: وهو مجرى على سطح الأرض، أو أنابيب تنشأ في جوف الأرض أو على سطحها، لتصريف المياه الزائدة عن الحاجة عبر عقارات الجوار حتى تصل إلى مصرف عام. والفرق بين المسيل والمجرى، أن المجرى لجلب المياه الصالحة للأرض، والمسيل لصرف المياه الزائدة وغير الصالحة عن الأرض أو الدار.

ويرى الحنفية أنه لا يجوز إِنشاء أي حقوق ارتفاق أخرى غير هذه الحقوق الستة. لأن في إِنشائها تقييداً للملكية التامة. والأصل فيها أنها لا تقبل التقييد. وما قيدت بتلك الحقوق الستة إِلا استثناءً وبحكم الضرورة. ولا يُتوسع في الاستثناء، لأن الضرورة تقدّر بقدرها.

أسباب نشوء حقوق الارتفاق. تنشأ حقوق الارتفاق بأسباب ثلاثة هي:

صاحب العقار «أ» يبيع الأرض أو الساحة التي أمام عقاره، ولكن ينسى أن يضيف شرطا في العقد بأن يحصل على حق ارتفاق لممر يؤدي إلى عقاره.

الوضعية الطبيعية: وحقوق الارتفاق الطبيعية هي المتولدة عن وضعية الأماكن الطبيعية. كحق مسيل مياه الأمطار المترتب للأراضي العالية على الأراضي المنخفضة. وهذه الحقوق تثبت بالوضع الطبيعي. ولا تحتاج إلى تسجيل في السجل العقاري.

_________

«1» الملك كما هو معروف نوعان: ملك تام: وهو ملك الرقبة «ذات الشيء» والمنفعة. وملك ناقص: وهو ملك المنفعة.

وملك المنفعة: قد يكون حقاً شخصياً للمنتفع أي يتبع شخصه، لا العين المملوكة، وقد يكون حقاً عينياً، أي تابعاً للعين المملوكة دائماً، فينتقل من شخص إلى آخر.

«2» الحق في اصطلاح القانونيين نوعان: حق عيني وحق شخصي. فالأول: هو علاقة مباشرة بين شخص وشيء معين بذاته، مثل حق الملكية وحق الارتفاق. وحق شخصي: هو علاقة شرعية بين شخصين، أحدهما يكون مكلفاً بعمل، والآخر بالامتناع عن عمل، كعلاقة الدائن والمدين، يكلف المدين بأداء الدين، وهذا عمل، وعلاقة المودع بالوديع، فللأول حق على الوديع في ألا يستعمل الوديعة، وهذا امتناع عن عمل.

ثانياً ـ الفرق بين حق الارتفاق وحق الانتفاع: كل من هذين الحقين من أنواع الحقوق العينية لا الشخصية، لكن يظل بينهما فروق.

1 - إن حق الارتفاق مقرر لعقار. وأما حق الانتفاع فهو مقرر لشخص. فحق المرور من أرض إلى أخرى حق مقرر للأرض الثانية، فينتفع به كل مالك لها، ولا يقتصر الانتفاع به على شخص معين.

أما حق الانتفاع به فإنه خاص بشخص المنتفع، فإذا مات انتهى حقه، سواء أكان ناشئاً بين الأحياء كالإجارة والإعارة، أم بين ميت وحي كالوصية والوقف.

2 - يكون حق الارتفاق مقرراً دائماً على عقار، ولذا تقل به قيمته عن الأرض الخالية من مثل هذا الحق. أما حق الانتفاع فقد يتعلق بالعقار، كأرض أعيرت، وقد يتعلق بالمنقول مثل كتاب أعير.

3 - حق الارتفاق دائم لا ينتهي بوقت، فيورث باتفاق المذاهب. أما حق الانتفاع فهو مؤقت ينتهي بموت شخص المنتفع كالموصى له بمنفعة أرض.

_________

وقد كتب يوسف الفراج مقالا في صحيفة الاقتصادية بتاريخ السبت 3 أبريل 2010 عن حق الارتفاق، وكيف عالجه المشرع السعودي حيث أورد بعض المصطلحات المشهورة في المحاكم، أو كتابات العدل وأشار إلى مدلولها وأهم أحكامها لإفادة القارئ وبالذات غير المتخصص، بالمراد من هذه المفردات حين ورودها في وثائق المحاكم أو كتابات العدل، أو حين ترد في المرافعات، ومن هذه المصطلحات: «حق الارتفاق» فهو من المصطلحات العقارية التي يكثر تردادها كثيرا وتنشأ بخصوصه العديد من الدعاوى وبالذات في المناطق الزراعية.

وما أنا بصدده هنا هو ما يحصل وحاصل في المناطق الزراعية، في عسير والطائف والباحة والمدينة، وحيثما وجدت الملكيات والحيازات صغيرة المساحات، وما يعانيه الملاك الذين توارثوا هذه الملكيات من مئات السنين، وكل يعرف ملكه في وقت لم تكن هناك سجلات ملكية أو محاكم شرعية توثق، نشأت في السنوات الأخيرة مشاكل عرقلت استفادة الناس من المرافق التي ترفق أملاكهم، كمصافق الماء التي تسيل منها مياه الأمطار لتروي المساطب الزراعية، ولا أعلم مدى فاعلية أي من وزارة البيئة والزراعة والمياه، والبلديات وحاليا عقارات الدولة التي ستلي نظر الحجج التي لم تبت فيها المحاكم من سنوات.