ينتظر كل سنة وبصفة دورية أكثر من 35 مليونًا من مواطنين ومقيمين في المملكة بشوق ولهفة ذكرى توحيد بلادنا الغالية على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه)، إذ يصادف اليوم الوطني للمملكة تاريخ 23 سبتمبر من كل عام، وتعود قصة هذا اليوم الوطني إلى قرار الملك عبدالعزيز تحويل اسم الدولة من «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» إلى المسمى الحالي «المملكة العربية السعودية»، وكان ذلك يوم الخميس 1351/04/21 الموافق 23 سبتمبر 1932.

ونستذكر في هذه المناسبة الوطنية الغالية على كل مواطن ومقيم في هذا البلد الطاهر المعطاء، أعظم وحدة شهدها التاريخ، وكيف ضحى رجال الدولة في ذلك الوقت لنصل إلى ما وصلنا اليه حاليًّا من تطور ورقي، بفضل من الله عز وجل ثم حكمة القائد المؤسس للدولة السعودية المغفور له الملك عبدالعزيز وحكمة أبنائِه الملوك من بعده (سعود – فيصل – خالد – فهد – عبدالله)، وكان لكلٍّ منهم بصمة في نماء الدولة وتطورها.

وها نحن اليوم نعيش هذه الذكرى 91 الغالية، ذكرى توحيد المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين اللذين حرصا كل الحرص على استمرار استقرار البلد وتنميته سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا وعسكريًّا.

ونلمس في القيادة الحكيمة حرصها على جعل المواطن في مقدمة اهتماماتها، وذلك من أجل نهضة الوطن وبناء على رؤية تؤمن أولًا وأخيرًا بالاستثمار في الإنسان.

ويصادف اليوم الوطني 91 يوم الخميس 2021/09/23 - 1443/02/16، ويستعد جميع من في هذه الأرض المباركة للاحتفال بهذه الذكرى الوطنية الغالية؛ فاليوم الوطني هو أهم مناسباتنا الوطنية، وقد أطلقت الهيئة العامة للترفيه هوية اليوم الوطني 91 تحت شعار «هي لنا دار» ضمن إطار توحيد الاحتفال باليوم الوطني لجميع الجهات الحكومية والخاصة، واستلهم شعار اليوم الوطني من ثقافة الأنسنة التي تنعكس بوضوح على المشاريع الضخمة التي راهنت عليها قيادتنا الرشيدة في رؤيتها 2030، وهو ما نلمسه على أرض الواقع حاليًّا.

وفي ظل استمرار جائحة فيروس كورونا فضَّلتُ أن أستعرض مع القارئ الكريم إنجازات وطني في وجه هذا الفيروس الذي أشغل العالم وعطَّل التنمية في بلدان عديدة.

عزيزي القارئ أستعرض معك إنجازات بلادي على ثلاثة مستويات تهتم بالإنسان بشكل مباشر وهي: الصحة – التعليم – الاقتصاد، وقبل الخوض في ذلك رأيت أن أقتبس كلمات قصيرة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين عن هذه الجائحة:

«إننا نعيش في مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تمامًا أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها.. إن بلادكم المملكة العربية السعودية مستمرة في اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة والحد من آثارها».. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

«الظروف السيئة إن شاء الله تزول، ونحن مقبلون على خير دائمًا بهمة رجال المملكة العربية السعودية». ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

من هذه الكلمات المطمئنة من قيادتنا الحكيمة أستعرض معكم بعضًا يسيرًا من إنجازات بلادي في يوم عرسها الوطني رغم استمرار الجائحة:

أولًا، قطاع الصحة

نجحت المملكة في تسطيح المنحنى الوبائي عبر سلسلة من الإجراءات الاحترازية الصارمة التي اتخذتها القيادة مبكرًا بناء على البراهين العلمية وخبرات التجارب السابقة، فقد بلغ معدل الإصابة في المملكة 9 إصابات لكل ألف نسمة، وبلغ التوسع في إجراء الفحوصات بمعدل 13 ألف فحص لكل 100 ألف نسمة، كما وصل معدل الإماتة بين المصابين إلى 1% مقارنة بالمعدل العالمي 3.47%. كل هذه الإحصائيات كانت في لب الجائحة وتحديدًا لغاية تاريخ 23 أغسطس 2020.

ويضاف إلى نجاح الصحة أيضًا تنسيقها مع الإدارات المعنية بالصحة الوقائية لتطبيق مهام وتدابير الترصد الوبائي، ومن ذلك إطلاق ثلاثة برامج إلكترونية، هي برنامج الرصد الوبائي الإلكتروني «حصن» لرصد وتتبع حالات الاشتباه، وبرنامج «تقصي» الإلكتروني لمتابعة الحالات المشتبهة والمؤكدة بشكل يومي في المحاجر والعزل المنزلي، وتفعيل برنامج «تباعد» الذي يقوم بتنبيه أي شخص خالط حالة ثبتت إصابتها لاحقًا.

كما حرصت المملكة على صحة الإنسان (مواطنًا ومقيمًا) عبر توفير أكثر من 100 مركز لقاح ضد فيروس كورونا في كافة مناطق ومدن المملكة؛ لنصل اليوم إلى أقل منحى إصابات في كورونا. وأما مجموع من أخذ الجرعتين وصل لأكثر من 38 مليون جرعة حتى الآن، ويعود الفضل بعد الله عز وجل لإدارة البلاد الحكيمة في مكافحة هذه الجائحة والحد من انتشارها.

ثانيًا، قطاع التعليم

حرصت وزارة التعليم على إكمال مسيرة التعليم لكافة الطلبة عبر نظام التعلُّم عن بعد في ظل استمرار الجائحة، فأطلقت الوزارة منصة «مدرستي» لتسهيل عملية التعلُّم للطلاب والطالبات في المراحل الدراسية الثلاثة، في حين كان للتعليم الجامعي حرية مواصلة التعلُّم عن بعد عبر برامج متعددة مثل البلاك بورد – الزووم، ولم تنقطع الدراسة نهائيًّا عن المملكة، ومع مطلع هذا العام وبعد أن أكمل نصف المجتمع تحصينه من فيروس كورونا عاد التعليم حضوريًّا، ولكن بحذر واحتراز للمرحلتين المتوسطة والثانوية والتعليم الجامعي كذلك، واستمر التعليم عن بعد للمرحلة الابتدائية حتى يتوفر اللقاح المناسب للفئات العمرية من 8 – 12 سنة.

وأثناء هذه الجائحة قدمت الجامعات السعودية 619 بحثًا وورقة علمية للمشاركة في الجهود الوطنية في التصدي للجائحة، واحتلت المملكة المركز 17 عالميًّا والأول عربيًّا في مجال نشر الأبحاث العلمية المتعلقة بجائحة كورونا.

ثالثًا، قطاع الاقتصاد

حافظ الاقتصاد السعودي على قوّته ومكانته متحديًّا هذا الفيروس الذي أضرَّ بالعالم صحيًّا واقتصاديًّا، وكان للإجراءات الحكومية الاستباقية الفضل بعد الله في تخفيف آثار الجائحة من ناحية اقتصادية على البلاد.

ووفقًا لتقرير اقتصادي، تحدَّث عن انكماش بالاقتصاد السعودي بنسبة تصل لـ7%، لكنه ثاني أفضل أداء مقارنة بأكبر عشرة اقتصادات في العالم.

وارتفعت الاستثمارات الأجنبية الداخلة بالمملكة لـ10% لتبلغ أكثر من 500 مليار دولار، كما رفع صندوق الاستثمارات العامة ترتيبه للثامن بين الصناديق السيادية، وهو أفضل ترتيب يصل إليه، إذ ارتفعت أصوله إلى أكثر من 390 مليار دولار، في حين تبخرت مليارات الدولارات لمنافسيه متأثرين بالجائحة، وحافظت المملكة على تصنيفها الائتماني القوي وفقًا لـ«ستاندرد آند بورز» عند A2 / A مع نظرة اقتصادية مستمرة لبلادي.

ما استعرضناه يدعو للفخر؛ فبلادنا (ولله الحمد والمنة) في مقدمة الأمم بفضل الله عز وجل ثم توجيهات القيادة الحكيمة من تحقيق للأمن والسلم الإقليمي والدولي، وازدهار اقتصادي وأمن اجتماعي وتحقيق للعدالة ومكافحة للفساد، والحرص على صحة الإنسان، والاهتمام بتعليمه وزيادة معارفه العملية والثقافية.

لا شك أن ما تقدمه المملكة في كافة المجالات يدعو للغيرة العالمية، فمَن مثل بلادي في يوم عرسها؟ إنجازات وتنمية واستقرار وصدارة عالمية.