نمر بمرحلة جديدة في تعليمنا، فبعد أن أجبرتنا جائحة كورونا على خوض تجربة التعليم عن بعد حتى لا ينقطع أبناؤنا عن التعليم ها نحن الآن نعيش مرحلة انتقالية وهي مرحلة التعليم المدمج، الذي يمزج ما بين التعليم الحضوري وجهاً لوجه والتعليم الإلكتروني عن بعد، سواء كان متزامنا أو غير متزامن حتى نعود للحياة الطبيعية، والتعليم المدمج أو الهجين أو المزيج أو الخليط هو نموذج هجين من التعلم الإلكتروني الذي يسمح بوجود طرائق التدريس التقليدية بجانب مصادر وأنشطة التعلم الإلكتروني الحديثة في مقرر واحد.

وقد مر التعليم المدمج بعدة مراحل بدأت باستخدام وسائل الإعلام والاتصال للأغراض التربوية والتعليمية ،ثم ظهور عدد من المؤسسات المهنية المتخصصة في هذا المجال، ثم كتابة وتأليف ونشر عدد من الكتب الموجهة لمجال التعليم البصري، ثم استخدام الأجهزة السمعية البصرية بشكل مكثف في القطاعات العسكرية والصناعية للأغراض التدريبية أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك ومع انتشار التلفزيون التعليمي والكمبيوتر الشخصي أصبح هناك مجموعة واسعة من أدوات التكنولوجيا والتطبيقات المتاحة لها في أي مكان وفي أي وقت عن طريق دورات التعلم الإلكتروني التفاعلي. ويتميز التعليم المدمج بتقليل نفقات التعليم إذا ما قارناه بالتعليم الإلكتروني وتوفير جهد ووقت المتعلم، كما يوفر المرونة في زمن التعليم ووقت الالتحاق ببرامجه، كما يوفر فرص التفاعل المتزامن جنباً إلى جنب مع فرص التنسيق والتعاون غير المتزامن، كذلك فهو يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين بحيث يمكن لكل متعلم السير في التعلم حسب حاجاته وقدراته، كذلك اتساع رقعة التعليم لتشمل العالم وعدم الاقتصار على الغرفة الصفية، أيضاً فهو يسمح للمتعلم بالتعلم في الوقت نفسه الذي يتعلم فيه زملاؤه دون أن يتأخر عنهم.

ومع كل هذه المزايا فإن هناك تحديات تواجه التعليم المدمج كالمتطلبات التقنية والتي تشمل عددا من المتطلبات تمثلت في توفير كل من: مقرر إلكتروني ونظام لإدارة التعلم، ونظام لإدارة المحتوى، وبرامج تقييم إلكترونية ومواقع للحوار الإلكتروني مع الخبراء والمتخصصين في المجال والأجهزة والبرمجيات اللازمة لهذا النمط من التعلم وتوفير فصول افتراضية بجانب الفصول التقليدية واستخدامها وفقا للإستراتيجية التعليمية المقترحة.

كذلك المتطلبات البشرية وهي المتطلبات التي تتعلق بالمتعلم والمعلم فالمعلم يجب أن تكون لديه المقدرة على التدريس التقليدي مصحوبا بالتطبيق العملي باستخدام الحاسب وتمتعه بقدر من المهارات تمكنه من التعامل مع البرامج المختلفة لتصميم المقررات فضلا عن مقدرته في استخدام البريد الإلكتروني في الاتصال مع المتعلمين وتمتعه بالحد الأدنى من المهارات التي تمكنه من القيام بإعماله.

وفي رأيي سيستمر التعليم المدمج حتى مع زوال الجائحة بحول الله ويظل مستقبل التعليم المدمج مرهونا بالتغلب على هذه التحديات. والتعليم المدمج هو الأفضل، لأنه سيكون الخيار الأمثل في المستقبل لاستيعاب تلك المتغيرات ووضعها في مكان واحد حتى لا تصبح البيئة التربوية في معزل عن التطورات والتسارع الذي يحدث في البيئة التربوية وفي الخارج.