‏ ليس هناك دليل للسعادة أو وثيقة تأمين على حال الزمان.

نحن لا نملك الأقدار ولا التحكم كليًا في معطيات الحياة، ولا بيدنا خريطة لرسم الغد وتحديد الظروف وتشكيل المواقف، وليس هناك عقد ضمان لبناء المستقبل بفكرته البيضاء، أو أُسس لكيفية جريان الأحداث، ومع كل الأماني نحن لا نفحص النوايا ولا نعرف خائنات الأعين وما تخفي الصدور، هناك علَّام واحد للغيوب نحن نعبُده ونملك بمشيئته التحكم في تسلسل كل ما سبق واستمراريته من عدمها.

نحن من يختار أن يُقطع الألم وتنتهي كل الطرق المؤدية والمؤيدة للحزن والندم وجلد الذات ويُقطع دابر الإسقاطات فهي خطأ لا يُغتفر في حق ذواتنا لأن لكل فعل ردة فعل.

الحياة تفعل بنا ما يحلو لها، لكننا كذلك نفعل ما يحلو لنا بعد ذلك؛ إما أن نسير على خُطاها التي لم نكن فيها جزءًا فعالاً، أو أن نكمل المسير على خطانا نحن التي نُريدها ونسعى لها دون كلل أو ملل أو أدنى استسلام، بل إن الحياة لذيذة حين تُحارب فيها، حين تكون فيها بطلاً لا ضحية، ذئبًا لا كبش فداء.

بردود أفعالنا على ما يحدث بين طيات الأيام نستطيع دائمًا أن نقلب الطاولة، وأن نفوز في كل مرة كادت فيها الحياة أن تفتك بنا، صحيح نحن لا نختار أن نُخان لكننا نختار أن نكتئب، رغم أنه يحق لنا أن ننصدم، نحن لا نختار أن يُغدر بنا لكننا نختار أن نيأس رغم أنه يحق لنا أن نُحبط.

نحن لا نختار أن يتم الاستنقاص منا لكننا نختار السماح بذلك.

حين قلنا نعم في لحظة كان يجب أن نصرخ عاليًا بـ لا، يجب علينا أن نعلم أن ليست كل لا سيئة حين نتعلم متى وأين وكيف نقولها.

يجب علينا معرفة أن نعم مرات ما هي إلا مفتاح لباب الجحيم الذي شرعناه على مصراعيه بلطف ظنًا منا أنها الجنة في شكلها الصعب صدقوني الحياة لا تتساهل معنا حين نملك صفات حسنة تُوصف بجدًا.

طيبون جدًا

متفانون جدًا

صادقون جدًا

متسامحون جدًا

و و و

كل الصفات الحسنة كلها بلا استثناء تملك تاريخ صلاحية ينتهي بجدًا، كذلك فإن الحياة تعاملك مثل ما تعامل نفسك تمامًا، تحترمك حين تحترم نفسك، تحبك حين تحبها، تضعك أولوية حين تكون أول أولوياتك والعكس صحيح أيضًا، صحيح أنها تُشاكسنا وتجس نبضنا دومًا هل مازلنا أقوياء؟

هل مازلنا على نفس المبدأ؟

أم أنها كانت أقوى؟!

وأصبح عودنا لينًا!؟

هل مازلنا صامدون؟

نعم السعادة شعور رائع لكنها ليست غاية هي فقط وسيلة من وسائل تذوق الحياة.

نعم الأمان حاجة أساسية من حاجات العيش، لكنه يقبع فينا وبداخلنا فلماذا نبحث عنه خارجها؟!

نعم الأقدار غيبية لكننا نعبد ربها ومُصرفها.

نعم يجب أن نكون على قدر من الأخلاق الحسنة ولكن دون جدًا.

نعم يجب أن نُقدر الآخرين لكن مثل ما نقدر أنفسنا ليس على حسابها فبين الأدب والغباء شعرة، وبين اللطف والحماقة ما هو دون ذلك.

نعم من الطبيعي أن نُصاب بخيبات أمل لكننا لا نخسره فالأسباب التي خيبته ليست كفؤة لتقطع علاقتنا به.

الحياة مثل الميزان ذي الكفين هما:

حياتك وما تتلقاه وأنت من تملك الخيار أي كفة تريد أن ترجح.