هناك جملة نسمعها دائماً: «النساء والأطفال» في الخطابات السياسية التي دائما ما تُقال في أي حالة حرب، فدائما ما يجمعونها مع الطفل لإسقاط صفة الضعف عليها وأنها غير قادرة على مواجهة الحروب والجوع، التعمد في استغلالها لزيادة عدد المتضررين من هذه الحرب وبالتالي الاستعطاف ومحاولة التأثير على الشعوب التي بدورها تؤثر على الحكومات، وهذا يشير إلى التهمة الأشهر، وهي صعوبة وجود المرأة في الأوساط السياسية كعنصر فعال، وبالطبع استحالة وصولها للحكم.
أما في الخطابات الثقافية فيتم جمعها مع الطفل من باب التلطف- على حسب ادعائهم- فيقال إن تركيبة المرأة العاطفية هي أقرب إلى عاطفة الطفل، فهي مندفعة وحساسة.. الخ، هذا بالطبع في أفضل الحالات، أما أسوأها فهو اتهامها بعدم الأهلية لأن عاطفتها تطغى على عقلها وبالتالي حكمها لا يحمل صفة الاتزان، نعم الثقافة العربية متأثرة بشكل كبير بالخطاب الديني رغم الحراك الفكري المهيب في نقد الموروث، السؤال هنا هو: لماذا لا يزال الخطاب الثقافي متمسكا بنشر هذا الخطأ المعرفي والاستمرار عليه دون إصلاحه؟
ونعود للسؤال الأعمق: من يحكم الثقافة في المجتمع ومن يتحكم بها ويؤثر عليها؟
وأيضا يشير هذا إلى نفس التهمة التي طالت الوسط السياسي، وهي صعوبة وجود المرأة في الوسط الثقافي– وهذا كان في السابق- أما الآن فأصبحت الصعوبة هو في أخذها على محمل الجد فكريا وثقافيا، لنفس الفكرة وهي أن المرأة تحكمها عاطفتها.
بشكل عام القاعدة تقول إنك عندما تجمع بين فئتين يعني هذا أنك تثبت تشابه خصائصهما، وبالتالي إن حكمت على فئة منها سيتناسب الحكم بشكل تلقائي على الفئة المشابهة لها، هنا تكمن قوة اللغة العربية ومدى تأثيرها الفكري والثقافي في الإقناع بفكرة أن ترفضها تماماً دون التصريح بها، وهناك كثير من الجُمل التي تستخدم بشكل متكرر وهي في أصل معناها تنافي حتى الفطرة، اللغة عربية سلاح فعّال استخدم لتشويه الثقافة والتأثير على المجتمع لما هو في مصلحة مُطلقها.