ذهب صاحبنا في الـ10 صباحًا إلى مدير عام فرع وزارة ما بمنطقة ما، وخرج له ذلك المدير عند باب المكتب على عجالة، وقال له (لدي اجتماع بعد 10 دقائق وسأتصل على مدير ما لينجز لك أمرك)، انطلق صاحبنا إلى وسط المدينة ليجد مكتب المدير مغلقا أيضًا وسكرتيره يقول (المدير في اجتماع حاليًا) ومن كثرة ما نسمع بتلك المقولة أصبحت وكأنها جملة تضاف لهذا المنصب مع الترقية أسوة بـ«سعادة أو معالي».

المهم انتظر صاحبنا أمام باب المكتب من الـ11 صباحًا حتى الـ1 ظهرًا، وانتهى الاجتماع ولله الحمد، وتمت «سمكرة وبوية» ثقب الأوزون، وتفكك النظام النووي الكوري الشمالي، أو هذا ما أعتقده في اجتماع استمر كل هذه الفترة.

ليطلب المدير من صاحبنا العودة مجددًا لمدير عام الفرع وتم إدخاله بعد «داوية وهدار» إلى مكتب المدير العام لهذا الفرع عند الـ11 صباح اليوم التالي، ووجد مدير هذا الفرع «ناطل العقال والشماغ» لأنه في خضم اجتماع آخر «غير اجتماع أمس»، وطلب مدير عام الفرع من صاحبنا أن «يختصر في الكلام» و«ينقص من صوته» ليركز أولا مع ذي الأهمية العالية والقصوى وهو الاجتماع عن بعد عبر الشاشة، ثم يأتي لاحقا وعلى هامش العمل «هذا المراجع وداويته وهداره».

وبعد «كم شهر» ذهب صاحبنا إلى مدير عام إدارة عامة ما بمنطقة ما، وبمجرد دخوله على السكرتير، كان يسبقه أحد منسوبي الإدارة بتلك المنطقة «على الأقل المرتبة التاسعة» ليطلب الدخول على المدير العام ليوقع أوراقا أحضرها معه من محافظة نائية، فرد عليه السكرتير بأنه عليه الانتظار ساعة على الأقل، لأن الاجتماع ينتهي عند الـ11 صباحًا، فقال هذا الزميل لهم، وما ذنبي فقد حضرت مبكرًا قبل وقت الاجتماعات المعتادة، فرد عليه السكرتير قائلًا (كان هناك اجتماع من 8ص حتى 08:45ص وهذا اجتماع آخر من الساعة 09:30ص حتى 11ص وعليك الصبر حتى ذلك الوقت) فقال زميلهم سأعود بعد الظهر إذا، فرد السكرتير («ما يمديك» فيه اجتماع آخر من 1 ظهرًا حتى نهاية الدوام)، والله على ما أقول شهيد، فغادر صاحبنا وهو يقول في نفسه «أجل كم بيلطعوني أنا».

السؤال هنا: إن هناك قطاعات مالية تدير اقتصادات عالمية وغيرها، هل قياداتها يمضون كل هذا الوقت من يومهم في اجتماعات أم أن قصر مدة الاجتماع وتحديد النقاط المناقشة به والتي لن تجد حلا إلا داخل هذا الاجتماع وليس اجتماعا يتحول إلى استعراض عضلات كل مسؤول وما قام به وكأنه في حفل تكريم، رغم أن تلك القطاعات ليست لخدمة individuals أو قطاع الأفراد .

وبهذا فيجب على أي مسؤول بها أن يفرغ نفسه أولًا لهذا المستفيد أو المراجع والذي لاحقًا أصبح يعرف بالعميل، وليس أن تنشأ وزارة كاملة فقط لخدمة هذا المستفيد النهائي، وفي النهاية «يركن على جنب» أمام باب كل مسؤول بحجة (المدير في اجتماع حاليًا)، فإن تم تسمية كل وزارة على قدر الأعمال التي يقوم بها مدراؤها طوال يوم عملهم فستتغير مسميات لتصبح (وزارة الاجتماعات وأشياء أخرى).