ظلت التقنية وتطوراتها محط اهتمام بالغ لقيادة هذا الوطن، منذ نقطة البدء وحتى يومنا الحاضر. فمن يقرأ التاريخ بتمعن ويدرك واقع الصعوبات والتحديات، التي واجهت مرحلة التأسيس والبناء حتى النمو والاستدامة، يدرك أن تلك الخطوات صاحبتها إرادة وعزيمة رجال، أدركوا كافة التحديات ومتطلبات العصر، وتعايشوا معها وسابقوا بها الزمان والمكان.

فالتحديات التي واجهت المؤسس عدة ويصعب اختزالها واختصارها، غير أن إحدى الصعوبات التي واجهها، هي التعاطي مع التطور التقني. فقد واجه حينها معارضة ومقاومة شديدة، عند دخول الهاتف اللاسلكي وكذلك المذياع، واستطاع بحنكته وبعد أفقه أن يقنع عوام الناس، بأن هذه التقنيات ما وجدت إلا لخدمتهم وتسيير حياتهم.

وتعاظم الاستفادة من التقنية وتطوراتها في كافة مسيرة الملوك، رغم الصعوبات التي تواجههم، في عدم الاقتناع بها ومقاومتها مجتمعيا في البدايات، ومن ثم كيفية توفير البيئة الملائمة لتلك التقنيات.

وقد نجحت المملكة في تحقيق الريادة والسبق، في مجالات عدة ارتبطت بالتقنية وعلوم التكنولوجيا، حتى وصلنا للفضاء حيث كان أول رائد فضاء عربي مسلم من أرض هذه البلاد.

والملاحظ للجميع أن المملكة من أوائل الدول الشرق أوسطية، التي سمحت بدخول الإنترنت دون قيود أو شروط، في أواخر التسعينيات الميلادية. كما أن العديد من القطاعات سبقت ذلك، في الاستفادة من الخدمات التقنية.

ومن المؤشرات التي يمكن القياس من خلالها، بُعد الأفق لدى قيادات هذه البلاد وإيمانهم بمستجدات العصر، هو أن الجهات الحكومية هي من سبقت القطاع الخاص في التطور التقني والرقمي، وكذلك الأتمتة علاوة على استحداث عدد من الجهات، التي تتعلق بالتقنية وتوفير كافة سبل النجاح وتمكينها.

وها نحن اليوم بعد مضي تسعة عقود، لم تعد التقنية لدينا أمرا ثانويا، بل أضحت عمادا رئيسا في تحولنا وأحد أهم مرتكزات الرؤية الطموح. ولعل الإحصائيات التي ظهرت مؤخرا حول تصنيف المملكة في مجال التقنية والتحول الرقمي، مقارنة بدول مجموعة العشرين، يعطي دلالة واضحة حول الحراك التقني الكبير. بل إن العديد من المشاريع الوطنية الضخمة القادمة، باتت تعتمد بشكل أساسي على التنقية، ولنا في المدينة الحلم «نيوم» خير دليل على ذلك، إضافة إلى عدد من الدوائر الحكومية والجهات الخدمية، التي أصبح الورق فيها جزءا من الماضي.

وحتى يقاس حجم التطور التقني لدينا والتحولات الرقمية، يمكن باختصار سؤال المقيمين بمختلف جنسياتهم الموجودين لدينا، حول الإجراءات التي يقومون بها لدينا، ومقارنة ذلك بما يحدث في بلدانهم، من حيث سهولة الإجراء والمدة المنجزة، حتما سندرك أن مؤشرات التقدم لدينا قياسية واستثنائية.

فقد صدق «معزي»حين ذكر عبارته الشهيرة: سأجعل منكم شعباً عظيماً وستستمتعون برفاهية هي أكبر كثيراً من تلك التي عرفها أجدادكم.