لعل أمر نشأة اللغات في العالم من الأشياء المختلف عليها، ولا يوجد رأي ثابت فيها، والاختلافات بين من يرى أن اللغات ظهرت مع ظهور الإنسان، وطرق التعبير التي عبر بها الأوائل. حيث يقول تشارلز داروين وهو عالم تاريخ بريطاني «إن أصل اللغة هو المحاكاة والتغيير بالاعتماد على الإشارات والإيماءات لمختلف الأصوات الطبيعية، أصوات الحيوانات، والصراخ الفطري للإنسان».

والمتعارف عليه أنه منذ القدم لم تكن هناك لغة مشتركة بين الناس لتمكنهم الحديث فيما بينهم، وكان البشر يحاولون تقليد حركات وأصوات الحيوانات والطيور من حولهم والتفاهم مع بعضهم البعض بالإشارة فقط.

ومع تطور الوقت بدأ الناس في كل منطقة جغرافية في تحديد كلمات معينة لوصف الموجودات في البيئة من حولهم. ومن هنا نشأت اللغة الأولى قبل قرابة 10 آلاف عام. ومع اختلاف طريقة وصف الناس للأشياء من حولهم في كل منطقة، نشأ اختلاف اللغات التي تطورت لتشكل اللغات المختلفة بشكلها المتعارف عليه اليوم.

وكما حلت اللغات مشكلة التواصل بين البشر، حلت الكتابة مشكلة تدوين وتوثيق التعاملات فيما بينهم. وظهرت الكتابة بشكلها الأول للمرة الأولى كنقوش مصورة مدقوقة على الجدران لدى شعوب جنوب غرب آسيا، ثم سرعان ما طورها المصريون القدماء لتكون لغة كاملة هي الهيراطيقية المصرية -تطورت لاحقًا لتكون الهيروغليفية- لكن كانت مشكلتها الأساسية في أن كتابتها يجب أن تكون على الجدران أو الصخور، وهو ما ينفي عنها صفة العملية. ومن هنا تطورت أدوات الكتابة وظهرت اللغة المسمارية، وبدأ البشر في الكتابة على ألواح من الطين والشمع، ثم أوراق البردي فيما بعد.

ومن مصر إلى سواحل الشام بدأت توضع أبجديات لتكوين الكلمات، حيث وضعت قبائل الأوغاريتيون أبجدية بدائية من ثلاثين حرفًا. وهناك الأبجدية الفينيقية لسكان حوض البحر المتوسط وفي شمال إفريقيا وضعت قبائل الأمازيغ والطوارق أبجدية عرفت بأبجدية تيفيناغ.

وفي العهد الأشوري في العراق، تم تأسيس أول مكتبة جمعت الكتب، والتي كانت تُكتب حينها على ألواح طينية مخصصة، وفي فترات زمنية أحدث نسبيًا عُثر على كتابات ونقوش في منطقة الخليج وتحديدًا المملكة السعودية. حيث نجد كتابات نبطية على الحجر في القصيم، وكتابات بخطوط الدادانية وكتابات أرامية مختلفة اللهجات. إضافة للكتابات الحسائية في الأحساء.

ولأن الكتابة كانت مهنة نادرة قديمًا كانت وظيفة ذات طابع خاص. حيث كان الكاتب هو القائم على تدوين المعاملات اليومية والمديونيات بين الناس، ومراقبة حركة الأسواق. تراه يجلس في مكان مخصص له، يضع أمامه علبة صغيرة تحتوي عدة ريشات للكتابة، وبعضًا من الماء لإذابة الحبر المُستخدم. ومن هنا جاءت كلمة (المقلمة) أو (المقلمية) لوصف العلبة التي تحتوي ريشات الكتابة.