يقول المتنبي

‏لا يدرك المجد إلا سيدٌ فطن

لما يشق على السادات فعّالُ

لولا المشقةُ ساد الناسُ كلهمُ

الجودُ يفقر والإقدام قتّالُ

إن قدرة القائد على إنجاز المهام المعينة والوصول إلى الأهداف المحددة من خلال العاملين معه تتطلب توافر مجموعة من الصفات القيادية، يمتزج فيها الفن والعلم والشجاعة وفن التأثير على الآخرين، والعلم أهمها، وكيف يقوم بتطوير مهاراته وتحسين صفاته القيادية ليكتسب في النهاية ذلك الوضع الذي يفضله على مجموعة كبيرة من الناس.

يؤمن القادة العظماء السابقون بأن النجاح لن يتحقق إذا كان القائد يصدر قرارات وأوامر لا يرضى عنها المرؤوسون، فإن ذلك لن يقود إلى النجاح، هذا في شأن الإداري وغيره حتى في النهج السياسي، كما أنه لن يساعد على التقدم والتطور والتنظيم، لأن المرؤوسين الذين لا يؤمنون بقائدهم يراوحون في مكانهم ولن يتقدم أحد منهم خطوة واحدة مهما فعل ومهما كانت وسائل القوة لديه.

إن القائد الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يستطيع إصدار قراراته وتعليماته بأسلوب مقنع لتعطي كثيرا من مرؤوسيه شعورا بالتنفيذ، وذلك لأن طريقة وأسلوب مجرد التنفيذ بدون معرفة الأهداف عادة ما تؤدي إلى إثارة الامتعاض وإلى عدم التنفيذ بأي شكل ودون قناعة، وحين تختفي الجدية يُغلق باب الإبداع والتجديد، وهذا خطأ وخطر على المنظومة، حيث يجب على الإدارة العليا التدخل والتغيير.

إن القرار كما هو معروف عبارة عن اختيار بين عدد من البدائل والطرق والحلول المتاحة أمام القائد، وقد برز مؤخرا اتجاه يدعو إلى ضرورة إتاحة الفرصة للجميع بالمشاركة في اتخاذ القرارات، وذلك لدعم إنجاز العمل وتحقيق الأهداف من خلال استشارتهم وتفويضهم على جزء من الصلاحيات، مع التأكيد هنا على أن ذلك لا يعني عدم تحمل القائد مسؤولية أعباء النتائج المترتبة على أي قرار يصدر حتى وإن فوض غيره في هذا الشأن.

إن القرارات تعتمد على شخصية القائد وقدرته على إخضاع قراراته للدراسة المتأنية ومداها في حل القضايا والأمور المطروحة بطريقة الاتزان والعدل والمنطق، ويجب أن يتمتع بالشجاعة التي تمكنه من اتخاذ القرار ووضعه أمام الآخرين لتنفيذه، وتجعله قادرا على إخبار قادته عندما يكون مخطئا، وتكون له القدرة على الاعتراض على قرار خاطئ، ولديه الجرأة في نقل الصورة عن وحدته وجاهزيتها والإمكانيات المتاحة دون تزييف.

من الصعب إيجاد القائد الشجاع الذي يتمتع بالشجاعة لأن ذلك يعرض منصبه أو وظيفته للخطر، كما أن القرارات تتوقف أيضا على كفاءة القائد في العمل في والتزامه.

هناك مشكلة كبيرة تواجه بعض المسؤولين الذين يراهم المرؤوسون بأنهم أقل كفاءة، وأنهم لا يتمتعون بالصفات العلمية التي تؤهلهم إلى مرتبة قائد، للأسف بعض المسؤولين الذين يضعون في مناصب عن طريق الصداقة والمصلحة يؤثرون على المنظومة بشكل عام، وهم سبب في انهيار أصدقائهم في الإدارة العليا ولو بعد حين.