بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطيور المهاجرة، في 12-5-2012، بعنوان (الطيور المهاجرة والبشر معا عبر الزمان)، يقوم على الاحتفال المعاهدة الدولية للحفاظ على الأنواع الفطرية المهاجرة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، داعية إلى حماية الطيور في هجرتها والحفاظ عليها.

أو ليس الإنسان أيضا كالطيور؛ يهاجر ولكن بلا موسم.. حب الوطن إحساس صادق وقوي، وهو من أصدق أنواع الحب، لكن في أحيان كثيرة تقف في وجه الإنسان معوقات وتحديات، تجعل البقاء في الوطن قطعة من العذاب، فيضطر رغم الحب والانتماء إلى الهجرة، وقد يعود كالطيور المهاجرة أو لا يعود.

ورغم أن أصدق وأقوى أنواع الحب حب الوطن، لكن في لحظات يجد الإنسان نفسه محاصرا في رزقه ومضيقا عليه في حياته، وهذا أقوى أنواع الحصار، فيضطر إلى السفر وهجر الأوطان، فعندما أوذي الرسول صلى الله عليه وسلم في وطنه الذي يحبه هاجر، وقد قال عن مكة بعد الفتح: (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك لما خرجت).

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مكرها ولم يعد بعد الفتح للإقامة بها.. ويبقى الحنين إلى الوطن دائما في وجدان الإنسان المهاجر إلى أن يموت، وما أكثر ما قال الشعراء في قصائدهم عن الوطن والشوق إليه، فهو تراث صادق وعظيم.

عندما تتعثر أحلام وأمنيات وطموحات الإنسان داخل وطنه، فإنه يهجره لتحقيق طموحه بعلم أو معرفة أو أي أمور يرى بها تحقيق ذاته. والإنسان مفطور في البحث عن نفسه، فإذا شعر أن وطنه خذله يبقى الحب ويبقى البحث عن مكان يستوطنه لتحقيق أحلامه أو بحثا عن أمنه أو رزقه، وما أكثر ما تشتت الناس بفعل فقدان الأمن بعيدا عن أوطانهم.

إنه حق مشروع للإنسان الذي خلق في كبد، لكن الوفاء رغم الغربة للوطن مقياسه الحنين الدائم. ولعل أقوى دافع للهجرة الإحساس بالذل أو الظلم، عند ذلك تتساوى الأمور عند الإنسان، وتغلب عليه رغبة القهر للبحث عن كرامة مهدرة فيغادر، فهناك من ذهب ولم يعد، وهناك من عاد وهناك من اختار مكان هجرته.. وهكذا، كل يهاجر بسبب مختلف، لكن يبقى الوطن في القلب.. وهكذا الإنسان والطيور مخلوقات الله المهاجرة في أرضه.