شهدت جميع الأنشطة الاقتصادية معدلات نمو إيجابية خلال العام الجاري ومن بينها الصناعات التحويلية التي مثلت رئة ثالثة للاقتصاد السعودي في الربع الثاني من العام الجاري عبر إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي خلف أنشطة الزيت الخام والغاز الطبيعي التي حققت أعلى نسبة مساهمة بين الأنشطة بنحو24.9% وتبعتها أنشطة الخدمات الحكومية بمساهمة قدرها 19.3% ثم الصناعات التحويلية «ما عدا تكرير الزيت» بمعدل مساهمة بلغ 10.2%.

كما حلت في المرتبة الثالثة أيضا في معدلات النمو على أساس سنوي بنهاية الربع الثاني من العام الجاري. علاوة على أن نشاط الصناعات التحويلية في السعودية يعد أكثر الأنشطة الاقتصادية تحفيزاً لنمو القطاع الخاص في البلاد بين مجمل الأنشطة المكونة للاقتصاد الوطني الأخرى بحسب دراستين صادرتين عن البنك المركزي السعودي.

معدلات نمو

نمت الأنشطة الاقتصادية خلال العام الجاري بمعدلات لافتة ومن بينها الصناعات التحويلية التي حلت بالمرتبة الثالثة في معدلات النمو خلال الربع الثاني من العام الجاري خلف أنشطة الخدمات الجماعية والاجتماعية والشخصية التي حققت أعلى معدلات النمو وبلغت 17.1% وتبعتها أنشطة تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بمعدل نمو قدره 16.9% في الربع الثاني وقفزت بمعدلات لافتة خلال الثاني من العام الجاري بمعدل نمو 15.3% مقارنة بمعدل نمو إيجابي قدره 8.9% في الربع الأول لعام 2021.

المنتجات الغذائية

استنادا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، فقد أسهمت الصناعات التحويلية خلال النصف الأول بنحو208.444 مليارات ريال في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بالأسعار الجارية وبلغت نسبة المساهمة 28.3% ويتكون نشاط الصناعات التحويلية من قطاعي «تكرير الزيت»، و«صناعات أخرى» تشمل صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات وصناعة الأخشاب والمنسوجات والأثاث وصناعة الورق والمواد الكيميائية والصيدلانية ومنتجات المطاط واللدائن وغيرها.

وقد بلغ عدد المشتغلين في نشاط الصناعات التحويلية نحو 869.2 ألف مشتغل في نهاية عام 2018، حيث بلغت نسبة المشتغلين في نشاط الصناعات التحويلية نحو 9.8% من إجمالي المشتغلين بحسب بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وتشكل نسبة السعوديين العاملين في نشاط الصناعات التحويلية نحو 22.6%.

دعم حكومي

يعد نشاط الصناعات التحويلية أحد أهم الأنشطة في المملكة، حيث يسهم في تعزيز المحتوى المحلي وتنويع القاعدة الإنتاجية وتستهدف رؤية المملكة 2030 زيادة إسهام الصناعات التحويلية في الاقتصاد الوطني، وذلك لتحسين فائض الميزان التجاري من خلال زيادة التصدير وتقليل فاتورة الواردات.

حظيت الصناعات التحويلية بدعم حكومي كبير تمثل في إنشاء صندوق التنمية الصناعية وإقامة عدد من المدن الصناعية. وبلغ معدل النمو السنوي المركب للصناعات التحويلية خلال الفترة «1970 - 2019» نحو 5.2%، وتستمر الحكومة بدعم النشاط لتحقيق تنمية اقتصادية، وبحسب بيانات مسح النشاط الصناعي الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء 2018، فإن أبرز التحديات التي تواجه الصناعي في المملكة هي ضعف الطلب، بخاصة في المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، وجودة المواد الخام ونقص المهارات الإدارية. وبالتالي، فإن توظيف عناصر الإنتاج بالشكل الأمثل والمتناسق مع الموارد الطبيعية المتاحة يسهم بلا شك في النهوض بنشاط الصناعات التحويلية.

قياس الإنتاجية

بحسب ورقة عمل حملت عنوان «قياس إنتاجية نشاط الصناعات التحويلية في المملكة العربية السعودية» أعدتها الباحثة سارة ناصر النويصر من إدارة الأبحاث الاقتصادية في البنك المركزي السعودي (أكتوبر 2020)، يرتبط نشاط الصناعات التحويلية بشكل وثيق مع سوق العمل والقطاع المالي، حيث تنعكس كفاءة توجيه الموارد التمويلية ومخرجات سوق العمل على النشاط مما يؤكد ترابط القطاعات الاقتصادية.

وأشارت الورقة إلى أنه على الرغم من النمو الذي شهده نشاط الصناعة التحويلية في المملكة، فإننا لا نزال نعتمد على الصناعات التحويلية المعتمدة على النفط كعنصر إنتاجي أساسي. كذلك، نلاحظ ارتفاع نسبة المشتغلين السعوديين في هذه الصناعات دون غيرها، حيث تعتمد الصناعات الأخرى على العمالة غير السعودية والتكنولوجيا المنخفضة.

استخدام التكنولوجيا

خلصت الدراسة إلى أن مما يعني أن هناك استخداما للتكنولوجيا في نشاط الصناعات التحويلية في المملكة. لذا، من المهم العمل على مواكبة التكنولوجيا الحديثة في العملية الإنتاجية ودعم المنشآت الراغبة في التحول التقني من خلال إتاحة منتجات تمويلية تناسب احتياجات هذه الفئة من المنشآت. حيث إن التحول التقني يساهم في تقليل الاعتماد على العمالة غير الماهرة مما يقلل من تكاليف المنشأة على المدى الطويل، كما يساهم في تقليل التسرب الناتج عن تحويلات العمالة غير السعودية خارج الاقتصاد.

تحفيز القطاع الخاص

أظهرت دراسة صدرت في ديسمبر 2019 أن نشاط الصناعات التحويلية في السعودية أن نموه بمعدل 1% يمكن أن يقفز بالناتج المحلي للقطاع الخاص بنسبة مساوية تقريباً.

وخلصت الدراسة، التي أعدها الباحثان منى المهنا أبا الخيل وأحمد البكر، من إدارة الأبحاث الاقتصادية في مؤسسة «ساما»، إلى أن نشاط الصناعات التحويلية هو النشاط الأكثر تحفيزاً لمعدلات النمو في القطاع الخاص علاوة على دوره في تحفيز الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وفقاً لاختبارات قياسية معيارية لبيانات سلسلة زمنية عن 47 عاماً (1970 إلى 2017).

وأرجعت نتائج الدراسة أثر الصناعات التحويلية إلى القيمة المضافة التي يضيفها للناتج المحلي، وكذلك على مستوى التوظيف إضافة إلى ارتفاع معدلات الإنتاجية مقارنة بالأنشطة الأخرى نتيجة لطبيعة الأيدي العاملة ومستوى تدريبهم، علاوة على الكفاءة في استخدام الموارد الاقتصادية وعدم اعتمادها على الواردات بشكل رئيس.

وبحسب الدراسة، يظل نشاط الصناعات التحويلية محفزاً ومحركاً للأنشطة الاقتصادية الأخرى بشكل مباشر وغير مباشر نتيجة الصلة بينه وبين الأنشطة الاقتصادية الأخرى، إضافة إلى كفاءته في استخدام عناصر الإنتاج.

تطور إسهام الصناعات التحويلية في الاقتصاد الوطني بالأسعار الجارية (بالمليار ريال)

2021

الربع الأول

104.862

الربع الثاني

103.582

2020

الربع الأول

92.510

الربع الثاني

72.306

الربع الثالث

81.768

الربع الرابع

93.819