منذ أيام أعلنت وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ممثلة في وكالتها للشئون الإسلامية، بدء استقبال طلبات الراغبين في المشاركة في برنامج الإمامة بالخارج في شهر رمضان المبارك لعام 1443هـ، وفقا للتفاصيل الموضحة أدناه، وأن الفئة المستهدفة أن يكون المرشح من الموظفين السعوديين من منتسبي الوزارة أو من خارجها، ويحمل مؤهلا علميا شرعيا لا يقل عن شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها في أحد التخصصات الشرعية، ومن الشروط أن يكون حافظا للقرآن، ولائقا صحيا.. إلى آخر ما ورد في الإعلان.

بداية أقول: من فضل الله على هذه البلاد أن جعلها مركز قوة الإسلام، وما ذلك إلا بوجود الحرمين الشريفين على أراضيها، ولقيام هذه الدولة المباركة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن حظها العظيم أن حكومتنا الرشيدة لا تألو جهدا ولا تدخر وسعا في خدمة الأوطان والأقليات الإسلامية أينما تكون، ومن تلك الحسنات اهتمام وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وعلى رأسها الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، بتلك الأوطان والأقليات، وذلك بإيفاد أئمة ليؤموا مسلمي تلك الأوطان والأقليات في شهر رمضان المبارك في كل عام.

لا شك أن إيفاد هؤلاء لا يقتصر على إمامتهم تلك الفئات في صلوات التراويح والقيام، وإنما ستكون هناك تبعات تفيدهم في حياتهم، حيث سيكون هؤلاء الأئمة بمثابة المفتين للإجابة عن تساؤلات تلك الفئات عما يتعلق بشهر رمضان وصيامه وصلوات ليله وتلاوة القرآن وأحكامها.

فجزى الله الشيخ عبداللطيف خير الجزاء على جهوده تلك، غير أني هنا أسأل عن قصر الإمامة على حاملي البكالوريوس بالشريعة أو ما يعادلها في أحد التخصصات الشرعية؛ فألا يحق لغيرهم، سواء جامعيين أو أقل ممن يحفظون القرآن، أن يكون لهم نصيب من أفعال الخير تلك؟، فهناك أئمة لا يحملون الشهادة الجامعية وآخرون يحملونها ولكن بتخصص غير شرعي مثل خريجي كلية اللغة العربية وكلية الآداب وكلية التربية وأمثالها، ولا سيما أنه ستكون هناك مقابلة أو تزكية من لجنة خاصة بهذا الشأن، لترشيح من تتوافر فيه الشروط اللازمة.

أتمنى أن يفتح المجال للجميع، جازما أن من أشرت إليهم سيقومون بواجبهم، وحسب التوجيهات الكريمة. وفي الختام.. أحب أن أذكر شيئا يسيرا عن الأقليات الإسلامية الأوروبية، ومدى تأثيرها في نشر الإسلام لدى دولهم، ففي الغرب يوجد 30 مليون مسلم يعيشون بوصفهم «جاليات إسلامية»، ويؤدون دورا ملحوظا، وهم يعيشون بين ظهراني المجتمعات الغربية، وبلا شك تنشأ علاقات بين الجانبين من خلال العمل والجوار والاحتكاك اليومي في الشارع والمدرسة وغيرها، ونتيجة هذا الاحتكاك تحدث لقاءات ومناقشات وحوارات تتعلق بالقضايا الثقافية والعقائدية.

كما أن مزاولة الأعمال اليومية للمسلمين، من عادات وتقاليد، تمنح الفرصة للأوروبيين للتعرف عن قرب على الإسلام والمسلمين دون الحاجة إلى السفر إلى البلدان الإسلامية. إن الانطباع الناشئ من التعامل اليومي يعطي صورة أوضح من الكتابات والمقالات التي تتناول الإسلام والمسلمين، بل إن هذا التعامل المباشر مع المسلمين يؤدي دورا ملحوظا في رسم الصورة الحقيقية للمسلمين، مما سيكون سببا في ازدياد مسلمي تلك الجاليات الإسلامية.