أصبحت أساليب الإدارة التقليدية غير فاعلة في ظل التحديات والتحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتسارعة التي يعيشها العالم، وغير قادرة على مسايرة هذه التحولات، التي تنذر بمستقبل مليء بالمخاطر على الحكومات والمؤسسات، لتأثيرها الكبير على اتخاذ القرارات المناسبة، مما قد يعرضها لخسائر كبيرة في حال تم اتخاذ القرار الخاطئ.

حيث تتطلب هذه المرحلة، استخدام أساليب حديثة وأكثر فاعلية للتعامل مع هذه التحولات المتلاحقة، ومن هنا يبرز دور التفكير الإستراتيجي، الذي يشكل جوهر الإدارة الحديثة، والعمود الفقري للتخطيط الإستراتيجي، للتغلب على المعوقات والتحديات التي تواجه المنظمات، وعدم الاكتفاء فقط بإدارة الأزمات الحالية، حتى يضمن تجاوز أو تقليل المخاطر للقضايا الحالية والمستقبلية وإيجاد الحلول المناسبة لها، التي قد تهدد استمراريتها في خضم هذا الواقع المتغير.

هذا الواقع بحاجة للبحث عن أساليب إدارية أكثر قدرة على مواجهة هذه البيئة المضطربة، وتوفير كافة متطلباتها، للبدء بأول خطوة نحو التغيير، الذي ينقلنا إلى فكر إداري جديد ذي صفة إبداعية وابتكارية، يمتلك بصيرة نافذة وثقافة عالية ومعرفة واسعة ومتنوعة، تؤمن بالتعاون والتشارك، لتصبح هذه الإدارة إستراتيجية بمعنى الكلمة، يُمارس فيها التفكير من منظور إستراتيجي واسع الأفق وبعيد المدى. ينطلق مفهوم الإدارة الإستراتيجية من مبدأ التفكير الإستراتيجي، بإعتباره النواة والروح التي تغذيها، والتي تشكل الركيزة الأساسية لها، في مواجهة الأزمات وإدارتها وتوقعها وإيجاد الحلول المناسبة لها، من خلال فحص وتحليل البيئة الخارجية والداخلية، والقيام بالتنبؤات المستقبلية لكل من الفرص والمخاطر التي من الممكن أن تواجهها في المستقبل والاستعداد لها بالبدائل والاحتمالات المناسبه لها.

فهو يضمن القدرة على إيجاد وتطوير الرؤية الإستراتيجية من خلال استكشاف الأشياء المستقبلية المحتملة، مما يجعلها تتميز عن التفكير التقليدي، من خلال تنفيذ العملية الذهنية المجردة والعقلانية في الوقت ذاته، والقدرة على جمع كل من البيانات النفسية والمادية.

فهي تحتاج إلى العديد من الأدوات والأساليب التي تعزز التفكير الإستراتيجي والتي تنظمه في كل مرحلة تمر به، فالتفكير الإستراتيجي يقوم بتحويل أحلام الحاضر إلى واقع ملموس نعيشه في المستقبل، من خلال رسم الخطوات بكل دقة وثبات وبرؤية ثاقبة وثابتة.

وبالنهاية لا يمكن أن نقتصر كلمة إستراتيجية على المجال العسكري فقط، بل يمكن استخدامها في مختلف المجالات والعلوم، كالاقتصاد، والإدارة، والاجتماع، والسياسة، فهي تحدد الطريقة للوصول للأهداف على المدى الطويل والبعيد.