بتاريخ الأحد 29 أغسطس 2021 - 21 محرم 1443هـ نشرت الوطن مقالا بعنوان (الأعمدة الهشة) بقلم أخي الفاضل فهد فيصل المعدي، تحدث فيه عن أن الأعمدة والزوايا في جل صحفنا ومجلاتنا، بأطيافها كافة، لم تعد بالكفاءة والقوة نفسها كما كانت في وقت مضى، حين كانت تلك الأعمدة هي ما يغري الكثيرين ــ وأنا أحدهم ــ لشراء الصحيفة أو المجلة في يوم معين، ترقبا لما سوف تحمله هذه الأعمدة من أفكار وإبداعات، تخطها أنامل كاتبي أو كاتبك المفضل، حيث تجد في الأفكار المطروحة من قِبله طوق نجاة مرة، وواحة غناء مرة أخرى.

فعند حديثها عن الهموم، تجد قلماً ملماً بكل ما يدور حوله، سائرا في خط مستقيم حتى يصل بك إلى عمق المشكلة التي لا يتوقف عند تحديدها فقط، بل يتعدى ذلك حين يختار لها حلولا منطقية، يتبناها ويعرضها بلغة راقية مهذبة. بكل صراحة أقول بأن ما تحدث عنه أخي فهد هو الواقع اليوم وخاصة لدى إحدى صحفنا.

ففي تلك الصحيفة كانت هناك صفحة مسرحا للنقاش الجاد في كثير من المواضيع التي تهم الوطن والمواطن والحياة بصفة عامة، وكنت من ضمن كتاب تلك الصفحة وقرائها، وحسب معرفتي فإن أول صفحة يفتحها كثير من القراء هي تلك الصفحة، لأنها عزيزة عليهم، وبعد أن استقال المشرف عليها ألغيت، ربما لعدم وجود من يستطيع السير بها.

واليوم أصبح البعض من مقالات كتابها لا يمت للوطن ولا للمواطن بصلة، لأمور منها بعدهم عما يدور بالمجتمع، أو قل عدم الاهتمام بها، فخذ مثالا أكتب لهم عن إطفاء الحرائق المنزلية فيتجاهلونه وينشرون موضوعا بعنوان (حقيقة قطع أذن فان غوخ)، وأكتب لهم عن التوطين في منشآت القطاع الخاص ويرفضونه وينشرون موضوعا بعنوان شاعرة في نيويورك، وأكتب لهم عن كيف نتلافى أضرار الإشعاعات وينشرون موضوعا بعنوان أزمة الثقة في فرنسا، وأكتب لهم محذرا من الريبوت فيسفهون مقالاتي وينشرون (موسكو كما رأيتها)، وأكتب لهم عن كيفية إنقاذ مؤسسة التقاعد فيحجبون الموضوع بدليل لا مستلم، وهذا الرد يتكرر عن كثير من مقالاتي وهكذا.

وما ذكرته أمثلة لانحراف بعض من كتاب الصحف عن الهدف المنشود من إيجاد تلك الصحف، بل انحراف للصحف عن الخط المرسوم لها عند إنشائها وباعتبارها عين المجتمع تكشف عبر كتابها عن الأخطاء والمخالفات للمسيرة، لتداركها وإصلاحها، وعبرها نقترح أمورا تفيد الوطن والمواطن وما إلى ذلك، ولكن يبدو أن البعض من صحفنا يهمها الكتابة فيها ولا يهمها عن ماذا تتحدث الكتابة، وكما قال أخي مقالات الأعمدة والزوايا هشة لم تعد بالكفاءة والقوة كما في الماضي، والله المستعان.